Site icon IMLebanon

يرضى القتيل… وليس يرضى القاتل  

 

 

أعرف مسبقاً أنّ ما أكتبه غير شعبي، ولا ألوم جميع المودعين على ألمهم وعذابهم وجنى عمرهم، والأهم حقهم الذي لا يعرفون ما هو مصيره. ولكن لا بد من قول كلمة حرّة حتى ولو كانت هذه الكلمة غير شعبية.. ولكن علينا أولاً أن نقول كلمة الحق، وهذا هو حقنا المقدس، لأنّ الصحافة رسالة وليست تجارة، وقول الحق مقدّس هذا أولاً، أما ثانياً فهذا واجب.

 

يوجد اليوم فريقان في هذه القضية: الفريق الاول هم أصحاب البنوك، والفريق الثاني هم الذين استدانوا من البنوك وصرفوها تحت شعارات سوف نعيدها، ويدعي الفريق الثاني انها خسائر.

 

وهنا لا بد من التوقف عند كلمة خسائر. فمن أين أتت هذه البدعة؟

 

يا جماعة هناك فريق استدان من البنوك، وصرف الأموال بأشكال ونواحٍ مختلفة، وهنا بنوك أعطت أو سلّفت الدولة أيضاً لعدة أسباب:

 

نبدأ أولاً بسؤال أساسي وهو: لماذا سلّفت البنوك الأموال للدولة؟

 

السؤال الثاني: هل كان باستطاعة البنوك أن لا تسلّف الدولة هذه الأموال؟

 

السؤال الثالث: لماذا تمتنع الدولة عن تسديد الأموال التي استدانتها من البنوك، وبأي حق تمتنع عن تنفيذ شروط الاستدانة؟

 

السؤال الرابع: عندما تمتنع الدولة عن تسديد ديونها، فماذا يستطيع أصحاب البنوك أن يفعلوا؟

 

نأتي الى الفريق الثاني الذي هو الدولة.. ونسأل: ماذا فعلت؟ وماذا يفعل المسؤولون لتسديد الديون المتوجبة على الدولة؟

 

باختصار فإنّ فخامة الرئيس الذي هو المسؤول الاول في الدولة كما يقول، وكما جاء في مقدمة الدستور، هذه المقدمة التي استعملها البارحة بالاعتماد على المادة ٥٢.

 

فخامته بدل أن يفتش عن حلول كي يسدّد الديون المتوجبة على الدولة ماذا يفعل؟

 

بكل بساطة… كلف السيدة غادة عون المدعي العام في جبل لبنان بالتحقيق، وفخامته لم يوقع على التشكيلات القضائية التي أرسلت إليه بعد توقيع وزيرة العدل ورئيس الحكومة. بالطبع ليس عند فخامته جواب إلاّ مخالفة القانون. وفي الحد الأدنى لو كانت هناك دولة فإنّ فخامته يجب أن يحاكم لتعطيله الدستور.

 

على كل حال، فإنّ هذا جزء بسيط مقابل التجاوزات التي نعيش فيها. وعلى سبيل المثال، أوقفت دورية أمنية مواطناً يحمل مسدساً، والقانون ينص على ان هذا المخالف يوضع في السجن، ولكن الذي يعترف علناً انه يملك 150 ألف صاروخ البعض منها على ذمته «دقيقة» فنسأل ماذا فعلت الدولة به؟ طبعاً لا شيء. بل تقف تتفرّج. والأنكى ان أحد المسؤولين في الحزب العظيم يقول إنّه هو الدولة وهو المرجعية وهو صاحب القرار.

 

بالعودة الى موضوع «المحاسبة»… لا بد أن نطلب من فخامة الرئيس أن يكشف عن حساباته وخاصة الأموال التي حوّلها يوم كان رئيس حكومة عسكرية، مكلفاً بإجراء انتخابات رئاسية… يومذاك حوّل من بنك التجارة في لبنان أموالاً الى حساب زوجته وشقيقها في فرنسا، وقد نشرت مجلة «لوكانار اون شينه» تلك الفضيحة.

 

فهل طلب فخامته من الشركة التي تدقّق في حسابات الدولة.. ان تدقّق في حساباته؟

 

من ناحية ثانية نقول: ماذا عن حسابات وزارة الطاقة والكهرباء التي كلفت الشعب اللبناني 65 مليار دولار حسب كل المصادر؟

 

وماذا عن شركة الخلوي أيضاً عندما تسلم الصهر العزيز وزارة الاتصالات ووظّف في الشركة 1000 عامل من جماعته، حيث أصبحت الشركتان تُدْخلان الى الخزينة مليار دولار بدل المليارين؟

 

وماذا عن 15 ألف موظف عُيّنوا قبل الانتخابات كرشوة انتخابية؟

 

وماذا عن زيادة سلسلة الرتب والرواتب التي حذّرت منها جميع الهيئات الاقتصادية والبنوك؟ ولكن لا حياة لمن تنادي.

 

بالله عليكم كيف أنّ دولة تعاني من شحٍّ في المداخيل وعجز كبير وغير مقبول ولا معقول وكيف انه لم تبقَ هيئة أو مؤسّسة عالمية إلاّ وحذّرت… ولكن لا أحد يريد أن يسمع أيضاً.

 

اليوم يريدون أن يحاسبوا حاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامة، وذنبه الوحيد انه استطاع الحفاظ على استقرار سعر صرف العملة 27 سنة بسعر 1500 ليرة للدولار.

 

ذنبه أيضاً ان الودائع والاحتياط في مصرف لبنان وفي البنوك وصل الى 200 مليار دولار.. ولو أردنا أن نذكّر الشعب المظلوم بما فعله الحكام في لبنان لكان الشعب حاسب هؤلاء المسؤولين الذين بسبب سياستهم النفعية وبسبب سوء إدارتهم إن لم نقل السرقات التي قاموا بها وصلنا الى هذه الحال. لا أحب أن استعمل تعبير «يللي استحوا ماتوا». لكن لا بُدّ من التذكير به في الختام.