لا شك أن هذا العهد أخفق في غالبية مستويات تطوير الحياة المدنية، وبصورة خاصة أخفق إعلامياً بإقناع اللبنانيين بأن التغيير الاقتصادي والمالي هو نتيجة إسراف عهد الحريري وليس إساءة إخفاقات تطوير الكهرباء التي كشفت عنها جميع التقارير الدولية وأصبحت قضية إيجاد حل للكهرباء الامتحان الرئيسي لحصول لبنان على موافقة سلطات صندوق النقد الدولي على مساعدة بلد، حكامه، كما وصفهم خبير أساسي لهيئة الامم «غائبون عن الوعي”.
لنبدأ بابسط مؤشرات التخبط. دائرة الإعلام في القصر الجمهوري وبعد زيارة الرئيس للفاتيكان في 21/3/2022 صرحت بان البابا سيزور لبنان في حزيران، وكأن هذا الوعد اعطي للرئيس، واذا برئيس دائرة الإعلام بالفاتيكان يصرح بأن الزيارة غير مدرجة على جدول البابا المعلن حتى نهاية شهر تموز المقبل.
على صعيد مكافحة الفساد واتهام الحاكم بممارسة تبييض الأموال وحجز حرية شقيقه رجا، تجدر بنا الإشارة إلى الوقائع التالية:
الاتهامات بحق الحاكم صدرت في الأساس من مؤسسة اسميت بـAccountability Now أي المحاسبة حالاً، وسطرت من قبل محامية من أصل فلسطيني – لبناني وشاب لبناني، وقد اتهم المحاميان الحاكم بتبييض 400 مليون دولار وعمموا المعلومات الخاطئة بالإشارة إلى مؤسسة لإدارة الأموال تعمل في بريطانيا وقد وجه أصحاب المؤسسة إنذاراً لمن عمدوا الادعاء بأنهم سيطلبون من السلطات السويسرية إلغاء حقهم في ممارسة المحاماة من سويسرا.
سارع كل من المحاميان إلى توجيه كتاب اعتذار إلى الجهة التي أنذرتهم واعتذروا عن أنهما حصلا على معلومات مغلوطة، وأنهما يعتذران لكل من طاله الضرر عن الخطأ، وأكدا أنهما لن يتناولان الموضوع مستقبلاً، وقد نشرنا نص رسالتهما الاعتذارية المؤرخة في 1/4/2021 أي منذ سنة في كتاب أصدره الكاتب عنوانه «استعادة الثقة في الاقتصاد اللبناني والنظام المصرفي اللبناني»، ونص رسالة الاعتذار مدرج على الصفحة 91.
بعد ذلك تناولت الصحف ادعاءات ملاحقات قضائية، بحق الحاكم ومن بعده شقيقه، وصدرت تصريحات عن المدعي العام المالي في فرنسا، وسويسرا واللوكسمبورغ بأن الحاكم لا يواجه أي اتهامات قضائية في البلدان المعنية، وما زالت المعلومات الخاطئة والمدسوسة تظهر بين الحين والآخر.
نعود إلى موضوع شقيق الحاكم أي المهندس رجا سلامة الموقوف بدون تبرير سوى استنطاقه حول تملك أربع شقق في باريس، وهو بيّن أن شرائه للشقق موضوع استثماري، وأنه حصل على قروض لتملك الشقق من بنوك فرنسية معتمدة، وأنه لم يحوّل أموالاً من لبنان لشراء الشقق، وأن أعماله سواء في لبنان أو الخارج تُنجز حسب قوانين البلدان المعنية، وأن السلطات اللبنانية غير معنية سوى باستثمارات العائلة في لبنان، وهنا القضية.
توفيق سلامة والد الحاكم وشقيقه رجا عمل في أفريقيا لمدة أربعين سنة وكان في جزء منها مستشاراً لرئيس جمهورية البلد الذي نشط فيه، وهو عاد إلى لبنان أواخر الستينات واستثمر في العقارات سواء في منطقة أوتوستراد ميرنا الشالوحي، أو برمانا، أو جنوب لبنان، وكان له حساب بملايين الدولارات مع شركة «ميريل لينش» التي عمل فيها بنجاح كبير ابنه رياض وحقق تطويراً لثروة العائلة، وحقق لنفسه نتائج باهرة أعلن عنها عند توليه مسؤولية الحاكم.
وربما رياض سلامة بين كبار المسؤولين هو الوحيد الذي أعلن عن ثروته يوم تسلمه مسؤولية الحاكم عام 1993، ومعلوم أن بعض المسؤولين السياسيين سجلوا موجوداتهم ووسائل تحصيلها في مغلفات تُختم بالشمع الأحمر للفتح بعد الوفاة.
إن التعدي على تاريخ عائلة سلامة بالشكل الذي نشهده لا يضر فقط بمن يمارس التعدي، بل يضر بإمكانات استفادة لبنان من نتائج أعمال المهاجرين الذين عانوا مصاعب السفر والإقامة في بلدان لم تكن حققت مستويات التطور لمطلوبة.
هؤلاء اللبنانيين لا يجوز أن يكونوا مستهدفين، كما حصل مع عدد محدد منهم، وكان التشويه مقصوداً دائماً لأسباب سياسية، ومهاجمة الحاكم تضر بمناخ وصورة لبنان دولياً، فهو يتمتع بسمعة جيدة جداً في عواصم المال، وغير متهم لا في عواصم المال ولا في لبنان، وهنا نلفت النظر إلى وعد عبّر عنه الرئيس ميشال عون وهو أنه لن يترك الحكم قبل سجن آخر الفاسدين. ونريد الإشارة إلى فساد مجموعة أركان حزبه من قبل قاضية اميركية تنظر في دعوى إقامتها سيدة لبنانية أميركية ادعت فيها على 7 من أعضاء التيار الوطني الحر بتزوير سندات ملكية والتصرف بملكها.
السيدة المذكورة زارت لبنان عندما بلغها أن ملكها في البترون لفيلا قد انتقل لغيرها، وحين وفدت إلى لبنان اختطفت في المطار وأخفيت لأسبوع وأجبرت على توقيع مستندات تتعلق بملكها الحقيقي، وحين عادت إلى الولايات المتحدة تقدمت بدعوى تزوير سندات ملكية شملت 7 أسماء منهم ثلاثة لأعضاء في الحزب يتولون مسؤوليات حساسة لدى العهد.
القاضية أدرجت أسماء المتهمين السبعة في إعلان قضائي يطلب حضورهم لمحكمة في ولاية فلوريدا بتاريخ 15 آذار المنصرم، وأشارت القاضية إلى أن عدم الحضور سُيعرّض المتهمين السبعة إلى إدعاء من قبلها بتوقيف السبعة من قبل الأنتربول.
هل يجب على الرئيس الأخذ باتهامات القاضية الأميركية، أم يعتبر الأمر لا يطال جهوده في تحقيق الانتظام ونظافة الكف والنية في لبنان؟