يبدو أنّ هناك صحوة ضمير عند الوزير السابق وئام وهّاب المشهور بفضح كل مستور، وإذ انه لا يستطيع أن يسكت عن الغلط وفي بعض الأحيان حتى لو كان المخطئون أصدقاءه، فهو يعتبر ان المس بالعملة الوطنية عمل تخريبي وضد الضمير، فكيف إذا كان الامر يتعلق بحاكم مصرف لبنان الذي يتعرض لجميع أنواع الإعتداء والظلم فقط لأنه حافظ على سعر الصرف رحمة بالموظفين ورجال الامن وإلى كل مواطن مدخوله بالعملة الوطنية، وجريمة الإعتداء على الحاكم سوف تفضح دوافعها عندما يفضح مآرب السياسيين والحزب الشيوعي الذين يريدون تغيير النظام المالي الحر وهو ما يميز لبنان عن العالم العربي.
فقد كان لافتاً كلام الوزير السابق وئام وهاب على شاشة الـ OTV في معرض الحديث عن الإنتقادات التي توُجّه لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. فقد قال الوزير وهاب: «إذا أردنا خروف للعيد، إجلبوا سلامة وإذبحوه، لكنه ليس المسؤول عن الهدر في الكهرباء والجمارك…»!
هذا الحديث يأتي على خلفية الهجوم الذي يقوم به الثلاثي حزب الله، التيار الوطني الحر والحزب الشيوعي على حاكم مصرف لبنان، كلٌ من باب مصالحه الخاصة ، فحزب الله الذي يرى في سلامة مُنفّذًا للعقوبات الأميركية على حزب الله، يزيد من هجومه على المصرف المركزي من خلال نوابه، ولكن أيضًا من خلال الجمهور الشيوعي الذي يرى في سلامة رأس الرأسمالية في لبنان، وبالتالي يقوم بتأمين الغطاء الأمني لكل التحرّكات ضدّ مصرف لبنان وعمليات التكسير التي تطاول المصارف في بيروت. وهذا الأمر يُمكن ملاحظته من خلال المُلاحقة القضائية التي طاولت الأشخاص الذين أحرقوا صرافاً آلياً تابعاً لأحد المصارف في منطقة كسروان، في حين لم يتمّ ملاحقة أحد من الذين كسّروا المصارف في بيروت وبالتحديد في منطقة الحمرا!
أمّا التيار الوطني الحرّ وبشخص رئيسه، فقد أمّعن في الفترة الأخيرة بالهجوم على حاكم مصرف لبنان وعلى سياساته مُحمّلًا إياه والحريرية السياسية مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الإقتصادية والمالية والنقدية. إلا أن هذا الفريق نفسه هو الذي جدّد لحاكم مصرف لبنان في العام 2017 وهو الذي إنتقد النائب عدوان حين طالب بلجنة تحقيق برلمانية في العام 2018! فما الذي تغيّر منذ ذلك الوقت؟
في الواقع، المسؤولية التي حمّلها المتظاهرون للوزير باسيل من ناحية الهدر والفساد الذي طال شركة الكهرباء خلال أكثر من عقد ونيّف من تسلم التيار الوطني الحرّ لحقيبة وزارة الطاقة، وعدم قدرة التيار في الدفاع عن نفسه، وسقوط مقولة «ما خلونا نشتغل»، دفعت بالتيار الوطني الحرّ إلى ركوب موجة الإمتعاض الشعبية الناتجة عن القيود المصرفية لتحميل مسؤولية ما حدث لحاكم مصرف لبنان والحريرية السياسية!
إلا أن ما نسيه التيار الوطني الحرّ أن أموال الدول تُصرف من خلال الموازنات التي أعدّتها الحكومات التي شارك فيها التيار والتي رفعت من الدين العام إلى الضعف منذ بدء مشاركته في الحكومات وبالتالي مسؤولية تراكم الدين العام يتحمّلها التيار الوطني الحرّ الذي شارك في الحكم ولم يكن مُتحمّسًا لإقرار موازنات في السابق، كما أنه بارك ودعم الموازنات التي أقرّت منذ العام 2017. هذه المباركة أتت ثلاثية: في الحكومة عبر وزارئه، في لجنة المال الموازنة عبر دفاع رئيسها المحسوب على التيار، وعبر نوابه الذين صوّتوا على كل القرارات المالية.
وبالتالي يُحاول رئيس التيار الوطني الحرّ التنصّل من هذه المسؤولية عبر القول إن مصرف لبنان والسياسة الحريرية هما المسؤولان عن ما وصلت إليه الأمور إقتصاديًا.
الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تسلم بلداً في حال دمار، وقام بإعادة إعماره وشهد لبنان خلال فترة وجوده في الحكم الازدهار المالي والاقتصادي . وهو من أعاد الأمل إلى لبنان واللبنانيين، وكل البنى التحتية التي يستخدمها اللبنانيون يعود الفضل في وجودها إلى الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
رفيق الحريري هو من إستطاع تجييش المُجتمع الدولي لمُساعدة لبنان ماليًا عبر مؤتمرات باريس وهو من فتح باب التعاون مع الإتحاد الأوروبي وأعاد العلاقات إلى أحسن أحوالها مع الدول الخليجية. في حين أن التيار الوطني الحرّ عزل لبنان عن المجتمع الدولي عبر تخريب العلاقة مع الدول الخليجية نتيجة تصريحات وزير الخارجية الوزير باسيل.
اليوم الهجوم على حاكم مصرف لبنان من قبل التيار الوطني الحرّ يخدم هدفين: الأول ضرب منافس جدّي لباسيل في الإنتخابات الرئاسية، وثانيًا ضرب الرئيس سعد الحريري من بوابة حاكم مصرف لبنان الذي قال عنه الرئيس الحريري أنه لا يُـمكن المسّ به. من هذا المُنطلق، تأتي تظاهرة الخميس الماضي أمام مصرف لبنان والتي نظّمها التيار الوطني الحرّ لتدلّ على الإفلاس السياسي الذي وصل له هذا الأخير نتيجة الرغبة القاتلة لرئيسه في الوصول إلى الكرسي الرئاسي والذي أدّت إحتجاجات 17 تشرين لتجعله بعيدًا سنوات ضوئية عن رئيس التيار الوطني الحرّ.
جوع مزمن
وتُشير معلومات لجريدة «الشرق»، أن الثنائي حزب الله – التيار الوطني الحرّ أخذ القرار بتحويل المواجهة حصريًا ضد حاكم مصرف لبنان وذلك بهدف عزله. وتُنص الخطّة على:
أولاً – توجيه الإتهامات حصريًا لحاكم مصرف لبنان شخصيًا وللقطاع المصرفي عامة.
ثانياً – تجييش الرأي العام اللبناني من خلال إستخدام التضييقات المصرفية ليكون الرأي العام جاهزا للخطوة الثالثة.
ثالثاً – تعديل قانون النقد والتسليف وذلك بهدف إعطاء الحكومة إمكانية عزل رياض سلامة من منصبه وهو ما لا يسمح به هذا القانون حاليًا.
رابعاً – تعيين شخصية موالية للتيار الوطني الحرّ في منصب الحاكمية (يُحكى عن إسم الوزير السابق منصور بطيش) الذي سيعمل على إلغاء تطبيق العقوبات الأميركية على حزب الله وعلى مناصريه.
وبذلك يُهيمن محور الممانعة على أخر معقل معارض لسياسة الإنخراط في المحاور الإقليمية والتي تجلب الكوارث على لبنان.
خروف للذبح
في ما يلي الفقرة المتعلقة بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة التي وردت على لسان الوزير السابق وئام وهّاب في مداخلة تلفزيونية سمعت اليوم الكثير عن مداخلات رياض سلامة… طيّب جيبو هالخروف اللي اسمو رياض سلامة حتى نذبحو، أنا رياض سلامة مش ابن عمي ولا عندي مصرف حتى يعملي هندسة مالية، ولا انا عاوزو ولا بدّي منو شي… بس بدّي اسأل سؤال: هل رياض سلامة مسؤول عن هدر الأموال بالجمارك، أو الطوائف مسؤولة عن تفويت البضاعة من دون جمارك؟ بتروحي (الكلام موجه للإعلامية) الى أي طائفة وبتقوليلون بدي فوّت حديد على اسمكم، بيفوتوهن بلا جمرك… رياض سلامة مسؤول عن الكهرباء؟ وعن التوظيف العشوائي؟ وعن مجلس الإنماء والإعمار؟ وعن الصناديق اللي بتهدر؟ وعن الشركات المشغلة للهاتف؟ والمخالفات البحرية؟ وعن المرفأ وعصابات المرفأ؟ إذا كان هو مسؤول جيبوه تا نذبحو؟ ليش ما بتحكوا عن السياسيين اللي هدروا المال؟ ليش ما بيسترجي حدا يقول هيدا الزعيم فاسد ومعو مليارين دولار سارقهم من الدولة؟(…)