تحت الضغط الشعبي، وبهدف إراحة المصارف من صغار المودعين الذين لا ينفكّون يطالبون بأموالهم ولتحريرهم من دفع الدولار، أصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمس تعميمين حرّر بموجبهما ودائع صغار المودعين التي تقل عن 5 ملايين ليرة أو 3 آلاف دولار وفق سعر الصرف المعمول به في السوق السوداء، وألغى سعرالـ 2000 ليرة مقابل الدولار الذي سبق وألزَم الصيارفة به، كما دخل على خط الصيرفة من خلال تداوله بسعر الدولار.
أصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمس تعميمين، الاول يحمل الرقم 148 مُرفق به القرار الاساسي رقم 13215 موجّه للمصارف ويتعلق بإجراءات استثنائية حول السحوبات النقدية من الحسابات الصغيرة لدى المصارف، والثاني يحمل الرقم 149 مرفق به القرار الاساسي رقم 13216 موجّه للمصارف ولمؤسسات الصرافة والمتعلق بشراء مصرف لبنان للعملات النقدية الاجنبية.
وينصّ التعميم 148 على الآتي: حفاظاً على المصلحة العامة في الظروف الاستثنائية الراهنة التي تمر بها البلاد حالياً، وبناء على الصلاحيات التي تعود للحاكم بغية تأمين عمل مصرف لبنان استناداً الى مبدأ استمرارية المرفق العام، يقرر ما يأتي:
المادة الاولى:
أولاً: في حال طلب اي عميل لا يتعدّى مجموع قيمة حساباته الدائنة كافة، مهما كان نوعها و/أو آجالها، لدى المصرف 5,000,000 ليرة بتاريخ صدور هذا القرار، إجراء سحوبات او عمليات صندوق نقداً من هذه الحسابات، على المصارف العاملة في لبنان، ان تقوم بما يلي:
1- تحويل المبلغ المطلوب سحبه الى الدولار الاميركي وفقاً للسعر الذي يحدده مصرف لبنان في تعاملاته مع المصارف.
2- تحويل المبلغ بالدولار الاميركي الناتج عن عملية الصرف موضوع البند (1) اعلاه الى الليرة اللبنانية وفقاً لسعر السوق بتاريخ طلب السحب من قبل العميل.
3- تسديد للعميل المبلغ الناتج عن عملية الصرف المحددة في البند (2) اعلاه.
4- بيع من مصرف لبنان الدولار الأميركي الناتج عن العمليات المشار اليها في البند (2) من المقطع «أولاً» هذا، وذلك وفقاً لسعر السوق.
ثانياً: في حال طلب اي عميل لا يتعدى مجموع قيمة حساباته الدائنة كافة، مهما كان نوعها و/أو آجالها، لدى المصرف 3000 د.أ. أو ما يوازيها بأي عملة اجنبية اخرى من هذه الحسابات، على المصارف العاملة في لبنان، ان تقوم بما يلي:
1- تسديد السحوبات او عمليات الصندوق نقداً من هذه الحسابات او المستحقات للعميل بما يوازي قيمتها بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر السوق يوم تنفيذها.
2- بيع من مصرف لبنان العملات الاجنبية الناتجة عن العمليات المشار اليها في المقطع «ثانياً» هذا، وذلك وفقاً لسعر السوق.
المادة الثانية: يشترط تطبيق احكام المادة الاولى اعلاه ما يلي:
1- موافقة العميل المعني.
2- سحب مجموع قيمة هذه الحسابات دفعة واحدة من قبل العميل.
3- ان يتم احتساب مبلغ 5,000,000 ل.ل. أو 3000 د.أ او ما يوازيها بأي عملة اجنبية، بعد تنزيل قيمة اي ديون مستحقة من قبل العميل لصالح المصرف.
حمود لـ«الجمهورية»
رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود أوضح لـ«الجمهورية» انّ هذا التعميم يتوجه الى صغار المودعين فقط الذين لا يزيد مجموع قيمة حساباتهم الدائنة عن 5 ملايين ليرة او 3 آلاف دولار، ويقدّر عدد هذه الحسابات بمليون و 700 الف حساب تشكّل نحو 61 % من مجمل الحسابات المصرفية. وأوضح، رداً على سؤال، انه لا يمكن لمن يملك مجموع حسابات تزيد عن 5 ملايين ليرة ان يستفيد من تحرير ما قيمته 5 ملايين من مجموع ما يملك.
وعَزا حمود صدور هذا التعميم الى الظروف الاستثنائية التي نمر بها، اضافة الى تعرّض حاكم مصرف لبنان الى ضغوط شعبوية، بعدما اصبح الكل يريد ان يحل القضايا النقدية والمصرفية بأسلوب يشبه الحلول السياسية في البلد. وأكد انّ سلامة درس هذه الخطوة جيداً وحجمها وتكاليفها وقيمة الخسارة جرّائها وحجم الكتلة النقدية المطلوبة، ورأى انه بهذه الخطوة تتخلّص المصارف من بعض الحسابات بالدولار من خلال دفعها بالليرة اللبنانية وفق سعر الدولار في السوق الموازي. لكن في المقابل ستزيد هذه الخطوة من كمية الاموال المخزّنة في المنازل، التي قد تخزّن بالليرة اللبنانية او حتى يمكن استبدالها بالدولار عند الصرّافين، وفي جميع الاحوال ستكون مجمّدة.
وعمّا اذا كان المقصود بالسعر الموازي هو الـ 2000 ليرة التي سبق وحدّدها الحاكم للصيارفة؟ قال حمود: ان سلامة ألغى في التعميم رقم 149 «المادة الثامنة عشرة» من النظام التطبيقي لقانون تنظيم مهنة الصرافة، والتي نصّت على تحديد سعر الدولار بالسوق الموازي بزيادة نحو 30 في المئة عن السعر الرسمي اي نحو 2000 ليرة، وهو قرر ان يحتسب الدولار لصغار المودعين وفق ما هو معمول به في السوق الموازي اي قد يكون 2800 او أكثر. على سبيل المثال، من يملك وديعة قيمتها مليون و500 الف ليرة يحتسبها المصرف على انها الف دولار (وفق التسعيرة الرسمية) إنما يعطيها للمودع بعد تحويل الالف دولار الى العملة اللبنانية وفق سعر الدولار في السوق الموازي (اذا افترضنا انّ سعر الدولار في السوق الموازي 3000 ليرة يأخذ المودع بدل مليون و500 الف ليرة 3 ملايين ليرة). وأشار انّ سلامة ارتأى تحويل الوديعة بالليرة اللبنانية الى دولار نظرياً واعطاءها للمودع وفق سعر الصرف في السوق الموازي من اجل التخفيف من خسارة صغار المودعين جرّاء تراجع قيمة العملة.
وعن المغزى من هذا التعميم، قال حمود: من شأن هذا التعميم ان يخفّف الضغط السياسي على الموضوع النقدي، ويقسّم الخسارة بين المركزي والمصارف التي تتخلّص من خلال هذه الخطوة من كَمّ كبير من الحسابات المصرفية بمبالغ صغيرة، لافتاً الى انّ هذا التعميم قابل للتدوير بمعنى انّ من يملك 5 ملايين ليرة و100 الف أو 3 آلاف و50 دولاراً يمكن ان يستفيد منه.
ورأى حمود انّ هذا التعميم سيضرب ما يسمّى بالشمول المالي، اي لن يعود لصغار المودعين اي حسابات في المصارف، ولو انّ الامور المالية تسير بشكل طبيعي، لكن ليس مقبولاً ان يكون صغار المودعين خارج هذا القطاع حتى لو كان في حوزتهم 100 دولار.
ورداً على سؤال، أكد حمود انّ هذا التعميم لا ينطبق على حسابات الرواتب، فهو يطال من في رصيده حتى تاريخ صدور التعميم أي حتى 3 نيسان 2020 الى حَد 5 ملايين ليرة او 3 آلاف دولار، اي لا يمكن للموظف ان يستفيد من هذا التعميم عندما يحين موعد راتبه الشهر المقبل، او حتى تجميع الرواتب على فترة معينة. أما إذا كان في رصيد الموظف راتب منذ ما قبل هذا التاريخ (اي قبل 3 نيسان) وقيمته اقل من السقوف المحددة في التعميم يمكن ان يستفيد لكن لمرة واحدة فقط، ويمكن ان يسحب المودع رصيده دفعة واحدة او على عدة دفعات.
القرار الثاني
نصّ القرار الثاني على ما يلي: بما ان الظروف الاستثنائية الحالية التي يمر بها لبنان، أثّرت بشكل كبير على سعر صرف العملات الاجنبية النقدية، وبناء على الصلاحيات التي تعود للحاكم بغية تأمين عمل مصرف لبنان استناداً الى مبدأ استمرارية المرفق العام، يقرر ما يأتي:
المادة الاولى: يقوم مصرف لبنان، بغية تأمين العملات النقدية الاجنبية لحاجات الاقتصاد الوطني، بما يلي:
أولاً: إنشاء وحدة خاصة في مديرية العمليات النقدية لدى مصرف لبنان («الوحدة») تتولى التداول بالعملات الاجنبية النقدية لا سيما بالدولار الاميركي وفقاً لسعر السوق. يمكن لأي من مؤسسات الصرافة من الفئة «أ» الراغبة بالتداول بالعملات الاجنبية النقدية ان تتقدم من هذه «الوحدة» بطلب اشتراك على ان يعود لمصرف لبنان حق اختيار المؤسسات المشاركة.
ثانياً: إنشاء منصة إلكترونية تضمّ كلّاً من مصرف لبنان والمصارف ومؤسسات الصرافة، ويتم من خلالها الاعلان بكل وضوح وشفافية عن اسعار التداول بالعملات الاجنبية لا سيما بالدولار الاميركي.
المادة الثانية: يلغى نص «المادة الثامنة عشرة» من النظام التطبيقي لقانون تنظيم مهنة الصرافة المرفق بالقرار الاساسي رقم 7933 تاريخ 27/9/2001.
المادة الثالثة: يعمل بهذا القرار لمدة 6 أشهر من تاريخ صدوره.
المادة الرابعة: ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية».
سلامة لـ«رويترز»
من جهته، أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لـ«رويترز» انّ وحدة النقد الأجنبي الجديدة لدى المصرف ستتعامل في الأوراق النقدية «بسعر السوق»، وستختار صيارفة العملة الذين تعمل معهم.
وقال: سيتم الإبقاء على سعر الربط الرسمي للعملة اللبنانية في تعاملات البنوك والواردات الحيوية مثل: الأدوية والوقود والقمح. أضاف أنّ هذه السياسة ستسمح «بإتاحة النقد الأجنبي وتخفيف الضغوط التضخمية».
وفي السياق، أوضح حمود انّ سلامة توجّه بموجب هذا التعميم الى كبار الصرّافين المتحكمين بالسوق أي الفئة «أ»، ليقول ما معناه سأضخّ دولارات في السوق وعلى هذا الاساس أنتم تسعّرون ونحن نسعّر، وبعدها نرى ان كنتم ملتزمين حقاً بالسعر الفعلي للدولار.