IMLebanon

الرياض وأنقرة والقاهرة: صفحة جديدة؟

الخبر مهم، بل انه على درجة كبيرة من الاهمية في هذه المرحلة: “اليوم يصل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى الرياض ليبدأ زيارة رسمية تستمر ثلاثة ايام. وبدوره يصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى الرياض الاحد في زيارة رسمية تستمر يومين”.

من النادر جدا ان تتقاطع زمنيا زيارتان رسميتان لرئيسي دولتين لدولة ثالثة. ومن النادر أكثر أن تتقاطع زيارتان لرئيسي دولتين مركزيتين بحجم تركيا ومصر للمملكة العربية السعودية ما لم يكن لتزامنهما هدف آخر يتجاوز البحث في علاقات تركيا ومصر الثنائية مع السعودية. وقد تكون الاهداف من الناحية المنطقية رغبة من الدول الثلاث في العمل جديا على حل المشاكل التي تباعد في ما بينهم في مرحلة من اكثر المراحل حراجة في المنطقة مع توسع الحرب ضد “داعش”، وقرب انجاز اتفاق بين ايران والمجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة حول برنامجها النووي، مما سيؤدي الى رفع العقوبات عنها، وربما الى تقاطع الاتفاق النووي مع “تفاهمات” بين ايران والولايات المتحدة على مستوى الاقليم. وفي ظل الحماسة التي يبديها الرئيس الاميركي باراك اوباما للتأسيس لتحالف مع ايران بنكهة “الثورة الاسلامية”، وحماسة طهران لاستغلال اي اتفاق حول النووي، لجر الاميركيين الى اطلاق يدهم في الاقليم من العراق الى سوريا وان بشكل مستتر. ومن العلامات المقلقة لتركيا ومصر والسعودية تنامي “التعاون” الاميركي – الايراني في العراق تحت عنوان محاربة “داعش” وانخراط طهران في ادارة جانب اساسي من الحياة السياسية في البلاد من خلال نفوذها على القوى السياسية الشيعية. والايرانيون ما عادوا يتسترون على دورهم في العراق. أما سوريا فحدث ولا حرج، بعدما أصبح نظام بشار الاسد “جيفة”، فيما ايران تقاتل عبر ميليشياتها المذهبية وفي مقدمها “حزب الله”، الثورة وتبسط سيطرتها على مفاصل القرار لشتات النظام.

السعودية ومصر وتركيا ستخسر الكثير اذا ما نجح الرئيس الاميركي في قلب معادلة التحالفات الاميركية في الشرق الاوسط. وكل المؤشرات والمقدمات لا تقود إلا الى استنتاج واحد مفاده ان ادارة باراك اوباما تريد ان ترسي عهدا جديدا في السياسة الاميركية يقوم على استعادة العلاقات التحالفية مع ايران، غير عابئ بنتائج الامر وتبعاته، مع مواصلة طهران سياستها التوسعية بكل الوسائل وفي كل مكان. الثلاثي السعودي – المصري – التركي مهدد بهذه السياسة الاميركية، وتصميم أوباما، وانخراطه شخصيا في عملية قلب الموازين والمعادلات قبل نهاية ولايته. الدول الثلاث مهددة في مصالحها، منفردة ومجتمعة، ومهددة ككيانات، فضلا عن كون كل منها قوة اقليمية.

من هنا دعوة الرياض والقاهرة وانقرة الى تنقية العلاقات في ما بينها، والعمل بجدية لبناء حلف اقليمي لمواجهة الخطر الآتي من الشرق، بتواطؤ من الغرب! ومن هنا الامل في ان تكون الزيارات المتقاطعة للرياض منطلقا لتصحيح العلاقات وحماية الاقليم من “الهواء الاصفر” الآتي من الشرق!