IMLebanon

مؤتمر الرياض

ليس غريباً ما قالته طهران عن مؤتمر الرياض للمعارضة السورية. بل الغريب هو ان لا تُظهر كل ذلك الغيظ والغضب والقنوط إزاء خروج صورة، عملت بجهد على حرقها وعدم تظهيرها، وسعت بجهد محموم مواز الى محاولة تشويه ما بان منها على العالم.

وحدها سياسة احادية خارجة من بطن استراتيجية مبنية على العِرق والمذهب، ولا توصل الى مكان سوى باعتماد الفتنة كأبرز اسلحتها.. يمكنها ان تقول على لسان نائب وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان انه ليس من حق المعارضة السورية ان تسعى الى تقرير مصير بلادها! وانه «لن يُسمح لها بذلك».! ثم تستمر في فتح النار على السعودية لأنها «تتدخل» في سوريا!

صعب على صاحب القرار الايراني، ان يشهد في غضون يومين اثنين تسفيهاً مريراً لكل سياساته السورية التي بناها على مدى ثلاثة عقود.. وبعد «التضحيات» التي قدّمها في السنوات الخمس الماضية! وكل الجهد البشري والتمويلي والتذخيري الذي بذله! وبعد وصول محاولته لشيطنة المعارضة السورية ودمغها بالارهاب، الى ذروتها.

.. وصعب عليه، الى حدود وصوله الى درجة الغليان والاداء الهستيري، ان تنجح السعودية في إعادة تصويب النقاش، ومحو الغبار الأصفر الذي علق بثورة السوريين وصورتهم وبرنامجهم. وأن تدفع الى الواجهة مرة اخرى. الحقيقة الصارخة التي تقول ان الخيار الصحيح الموضوع امام العالم لا يتعلق بثنائية بشار الاسد أو الارهاب الداعشي، إنما بوجود بديل فعلي يملك برنامجاً سياسياً واقعياً، عن سلطة الاجرام والمافيا والارهاب القائمة. وان هذا البديل استطاع تقديم مشروع متكامل يليق به وبسوريا ومكوناتها. وبه وحده يَعِدْ بدولة مدنية واحدة وحديثة تعيد الاعتبار الى الشريعة الدستورية وتقدّم الطاعة لسلطان القانون، وتحترم المواطنة وليس الانتماءات الذاتية باعتبارها العلة الاولى لتلك الدولة.. بل لكل دولة طبيعية في عالم اليوم.

جهد الايرانيون مع السلطة الاسدية ومنذ الايام الاولى لاندلاع الثورة من درعا في العام 2011، الى ترويج نفي متكامل لوجود تلك الثورة. والى بث واشاعة مقولة «العصابات الارهابية المسلحة» التي تتحرك بايعازات خارجية، اسرائيلية اميركية اولاً، ثم سعودية تركية ثانياً! ثم جاء الروس وراءهم وركبوا في المركب ذاته… وبه أبحر الجميع فوق أمواج «داعش»، حتى كادوا ان يصدقوا أنفسهم قبل «إقناع» العالم، بأن كل المعارضة السورية، اي الاكثرية الساحقة من الشعب السوري، ليست في الواقع الا ذلك الارهاب الذي لا بد من القضاء عليه قبل الولوج الى «حل» هذه النكبة!

مؤتمر الرياض نسف بلغم واحد كل ذلك التراكم التشويهي. وأكمل عدّة التصدي لمشروع محور الطغاة. وأهميته، انه واكب الميدان بالبيان وقدم خلاصة في توقيت صحيح، تفيد ان المواجهة مفتوحة ومستمرة فيها «التاو» وغير «التاو»، مثلما فيها مشروع سلطة وطنية بديلة عن ارهاب الدولة الاسدية، ودولة الارهاب الداعشية سواء بسواء.