Site icon IMLebanon

الرياض يائسة وتبحث عن «اختراق» في البيئة الشيعية

 

في انتظار الترجمة العملية لاستدعاء رئيس الحكومة سعد الحريري الى السعودية، ثمة ثابتتين لا تقبلان النقاش، الاولى ان ثمة قرارا سعوديا متخذا بخوض مواجهة مفتوحة مع حزب الله، اما الثابتة الثانية فهي انعدام قدرة رئيس تيار المستقبل على لعب دور «رأس حربة» في هذه المواجهة، ولذلك تبحث المملكة عن «اوراق» ضغط أخرى، وقد دفعها «اليأس» الى محاولة اختراق بيئة الحزب الشيعية…

اوساط سياسية متابعة لهذا الملف، تؤكد ان الرئيس الحريري يتحلى «بواقعية» لا تسمح له بالمغامرة، هو يدرك ذلك جيدا، وسبق ان ابلغ وزير شؤون الخليج تامر السبهان في بيروت بصعوبة الامر، وكرر على مسامعه، ومسامع ولي العهد محمد بن سلمان في السعودية الكلام نفسه، ولذلك فان اي قرار تفرضه المملكة عكس ذلك، سيكون دون شك «تضحية» عن سابق تصور وتصميم بمستقبل الحريري السياسي على الساحة اللبنانية لان طبيعة المعركة اذا ما كرر خوضها ستكون مختلفة عن سابقاتها وستكون تداعياتها كبيرة سيصعب على رئيس الحكومة تحمل نتائجها، لان حزب الله بصفته احد اهمّ «اضلع» محور المقاومة في المنطقة، لن يتراجع امام الهجمة السعودية، ولن يقبل اويسمح لاحد بتدفيعه داخليا ثمن فشل المشروع الاميركي – السعودي – الاسرائيلي الذي «يترنح» وهو «قاب قوسين» او أدنى من السقوط…

هذه «الرسالة» البالغة الدلالة، وصلت الى من يعنيهم الامر في الداخل والخارج، وذلك بحسب اوساط سياسية بارزة محسوبة على محور المقاومة، فالامر ليس تبصيرا او «قراءة في الفنجان»، انها معلومات مقرونة بوقائع، فمنذ «انقلاب» المشهد في سوريا والعراق واليمن، بدأ حزب الله يعد نفسه «لليوم التالي»، فقيادة الحزب تدرك ان الطرف الاخر لن يقر بالهزيمة بسهولة، والادوات المتاحة امام الفريق الاخر محدودة، لكنها «مكشوفة».. وما يغيب عن ذاكرة البعض ان حزب الله وخلال السنوات القليلة الماضية اي منذ عام 2011، كان يقاتل على الجبهات، وفي نفس الوقت يعد العدة لمواجهة تداعيات الانتصار، من خلال تحصين الوضع الداخلي لتحييده عن اي صراع مرتقب، وقد نجح في هذا الاطار في «اجبار» «خصومه» على القبول بتسوية انتخاب ميشال عون رئيسا، وبالعودة الى «شراكة» حكومية «ناجحة»، وكان له دور هام جدا في تفكيك الكثير من «الالغام» الداخلية وكذلك بؤر التوتر، ولعل الحدث الابرز كان استعجاله في حسم معركة الجرود التي اخرجت المجموعات التكفيرية من الاراضي اللبنانية، ما ادى الى خسارة «خصومه» «ورقة» كانت كفيلة باستنزافه لفترة طويلة.. وهذا ما ادى عمليا الى انعدام الخيارات امام «خصوم» الحزب الذين شرحوا جميعهم للسعوديين وآخرهم الرئيس الحريري «صعوبة» المواجهة، وهو ما دفع السبهان قبل اسابيع الى وصفهم «بالجبناء»..

وبحسب تلك الاوساط، فان الدور الوحيد الذي يمكن للحريري ان يقوم به هو«فرملة» عملية «التطبيع» مع النظام في سوريا، وهوامر يتفهمه الطرف الاخر في التسوية الرئاسية، حيث لا تشير المعلومات الى رغبة لدى الرئاسة الاولى في «احراج» رئيس الحكومة «لاخراجه» في هذا الملف، وثمة قنوات «موازية» يجري العمل عليها في مسألة حل ملف النزوح السوري.. وفي هذا السياق لا يبدو حزب الله بعيدا عن هذا التوجه لانه اولا غير مستعجل في فتح ملف العلاقات مع دمشق، باعتبارها امر حتمي سياتي «آجلا اوعاجلا»، ولا بأس في منح الطرف الاخر المزيد من الوقت لاعادة ترتيب «اوراقه».. وثانيا لان الحريري «سلّف» الحزب ورئيس الجمهورية الكثير من المواقف «الايجابية» بدءا من معركة الجرود، انتهاء بتوقيعه على تعيين سفير لبناني في سوريا، ولذلك لا يبدوالحزب معنيا في توتير العلاقة مع رئيس تيار المستقبل او مع غيره، الاستقرار اولوية لديه، وعزل لبنان عن «حرائق» المنطقة كذلك.. ولكن «ان عدتم عدنا…»

في المقابل، لا تتوانى السعودية عن البحث عن «اوراق» للمواجهة، وهي اذا كانت تعول على الحصار المالي الاميركي لحزب الله، وتأمل ان تقوم اسرائيل «بشيء ما» «لتقليم «اظافره»، تبدو راهنا معنية في محاصرته انتخابيا، مع العلم ان الارقام والاحصاءات غير مطمئنة حتى الان، لكنها تحاول على خط مواز سحب «الحلفاء» السنة للحزب الى الضفة الاخرى اومحاولة «شراء» حيادهم، عبر اقناعهم بعدم وجود «حصرية» سعودية سنية على الساحة اللبنانية..

وكذلك تعمل ضمن «البيئة» الشيعية في محاولة لتجريد الحزب اقله من «حاضنته» «النخبوية» في ظل صعوبة الاقتراب من «الحاضنة» الشعبية، وفي المعلومات ان السعوديين بدأوا تحركا جادا على هذا الصعيد من خلال اتصالات مع عدد من تلك القيادات، وذلك في استكمال لما بدأه القائم بالأعمال السعودي وليد البخاري  من خلال استخدام» الملتقى الثقافي السعودي اللبناني الذي أطلقه في بيروت «جسرا» للعبور باتجاه تفعيل التواصل مع العديد من القيادات الشيعية، وكانت «باكورة» هذه الاستراتيجية اللقاء التكريمي الذي اقيم في بيروت للامام موسى الصدر، وكان حرص من السفارة السعودية على تقديم الشخصيات التي حضرت بوصفها قيادات وطنية لبنانية شيعية «معتدلة»، وقد ختم البخاري محاولاته بزيارة مؤسسة الإمام الصدر في صور، وهي زيارة غير مسبوقة لمسؤول سعودي، وقد حاول الاعلام السعودي تصوير الزيارة بانها تعكس متانة العلاقة بين الرياض وجزء كبير من الجنوبيين!؟ وتجدر الاشارة الى ان تحرك السعوديين في بيروت ليس عملا «منعزلا» بل جزء من استراتيجية ولي العهد محمد بن سلمان والتي تجري ترجمتها ايضا في العراق في ظل محاولة المملكة الانفتاح والتواصل مع القيادة السياسية والدينية الشيعية، في محاولة لاخراجها من دائرة «التأثير» الايراني…

هذه التحركات، ترى فيها اوساط سياسية جنوبية فاعلة، تعبيرا عن «افلاس» السعوديين وانعدام خياراتهم في المنطقة ولبنان، والدليل على ذلك ان «اليأس» في ايجاد الادوات اللازمة لمواجهة حزب الله، دفعت «المملكة» الى خيار اقرب الى «السراب» لان البيئة الشيعية محصنة من حصول اي اختراق وقد دلت الاحداث السابقة صعوبة حصول اي اختراق مماثل.. فخارج «ثنائية» حركة وامل وحزب الله لا توجد عمليا اي قوة حقيقية قادرة على «مشاغلة» الحزب «داخل بيته»، ويدرك السعوديون كذلك استحالة اختراق «جدار» العلاقة بين «الثنائي الشيعي»، ولذلك عليهم ان «يخيطوا بغير هذه المسلة»، تقول تلك الاوساط، اما اذا اختاروا مجددا صرف الاموال في الانتخابات المقبلة فهذا شأنهم، لكن الاكيد انها ستكون اموالا مهدورة في معركة خاسرة.. وفي الخلاصة لا يبدوان السعوديين في وارد التراجع الان، بانتظار»التسوية» مع طهران، وحتى ذلك اليوم سيحاولون بشتى الوسائل التقليل من الخسائر..