IMLebanon

الرياض: قيادة تركية جديدة للجبهة الــسورية وسلام اليمن وراءنا

يتلمّس زوار الرياض بسهولة حجم الغضب السعودي نتيجة حصار حلب بـ«خدعة روسية» وغض نظر أو إهمال أميركي. وفي الوقت الذي يؤكّدون دعمهم المعارضة، فهم يؤكّدون أنّ يد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ستُطلق قريباً فور تسلّم القيادة العسكرية الجديدة للجبهة السورية مهماتها. وكلّ ذلك يتزامن مع فشل العملية السلمية الأمميّة في اليمن. كيف وبماذا يعبّرون عن ذلك؟

يؤكّد القادة السعوديون أمام زوارهم، خصوصاً المكلّفين قيادة العمليات العسكرية التي تخوضها المملكة مباشرة ومعها دول الحلف الخليجي – الإسلامي في اليمن وبصورة غير مباشرة في سوريا الى جانب الحلف الدولي، أنّ المعركة واحدة.

ويعتقدون أنّ الجبهة باتت تمتدّ من صنعاء الى حلب، فالعدوّ واحد في الأزمتين بفارق وحيد أنّ أزمة اليمن «تنكأ الجروح» في القلب السعودي وما يجري في سوريا «طعنة في الظهر»، ولا بدّ من المواجهة في المعركتين، وقد جنّدت لهما كلَّ الطاقات العسكرية والمالية والديبلوماسية.

ويُضيف هؤلاء القادة أنّه لا يُمكن لمَن يُفاوض القيادة السعودية إلّا أن يتبلّغ بالفم الملآن أنّ الحرب في اليمن دخلت مرحلة جديدة بعد فشل الوساطة السلمية الأمميّة التي استضافتها الكويت برعاية أميرها، وأنّ رئيس الوفد الرسمي المكلف من الرئيس اليمني عبد ربه منصور المعترف به شرعياً في دول الحلف الإسلامي قصد الكويت في الساعات الماضية في زيارة هي الأخيرة لشكر أميرها على الجهود التي بذلها وفريق الأمم المتحدة الذي بادر الى مشروع حلٍّ سلمي للوضع في اليمن ليكون بديلاً من استمرار العمليات العسكرية.

ومردّ ذلك وفق رؤيتهم للوضع هناك، أنّ إيران تقف خلف الحوثيين في محاولة لن تكتمل فصولها لوضع اليد على اليمن وجعلها قاعدة إيرانية على حدودها الجنوبية – الغربية وشوكة مزروعة على بوابة «باب المندب» في خاصرة دول مجلس التعاون الخليجي التي تشارك السعودية حربها هناك.

ويُعتبر التفاهم الذي أعلن عنه بين الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح لتشكيل المجلس الأعلى لإدارة اليمن، إشارة واضحة الى تعطيل الخطة الأممية بعد رفضهم إخلاء صنعاء والمدن الكبرى المحتلّة وليشكل انقلاباً على المساعي السلمية التي رعاها أمير الكويت ومن خلفه سلطان عمان.

عند هذه الحدود يكتفي المسؤولون السعوديون في مقاربة الأزمة اليمنية ليتفرّغوا الى الأزمة السورية، فلا يخفون القول إنّ روسيا مارست «خدعة كبيرة» في حلب. فاستفادت من الأزمة التركية الناجمة من الإنقلاب الفاشل ومسلسل المبادرات لوقف النار الموقت والموضعي لترتيب وحشد حلفاء الجيش السوري من مختلف الأمم العراقية والأفغانية واللبنانية والإيرانية لحصار حلب ووضع نحو نصف مليون سوري تحت وطأة الحصار، بتغطية روسية جوية تدميرية لا سابق لها، وكلّ ذلك على وقع مفاوضاتٍ روسية – أميركية لترتيب المخارج السياسية للأزمة والتعويض بها عن العمليات العسكرية الكبيرة التي تشهدها المناطق السورية كافة.

وعلى هذه الخلفية، يتّهم القادة السعوديون القيادة الأميركية بالتقاعس أو بالتواطؤ، وعلى الأقل بغضّ النظر عن التوجّهات الروسية الحقيقية، «ولم يستشعروا منا ولا من الأتراك ودول الحلف الأخرى مخاطر «الخدعة الروسية»، فأخلوا لها الأجواء السورية والأرض معاً قبل أن يكتشفوا في الساعات التي أعقبت حصار المدينة ما يسمّونه الخرق الروسي للتفاهمات والخطوط الحمر في المنطقة، وهو ما سيترجمه الأميركيون قريباً بما يكفل حماية التوازن الإستراتيجي في المنطقة والحدّ من طموحات النظام وحلفائه، خصوصاً إذا نفّذت المعارضة الموحّدة قرارها بفك الحصار عن المدينة وتوسيع رقعة سيطرتها في محيطها بدعم سعودي ودولي مباشر لن يحول دونه الحصار الموقت للمدينة وريفها وقطع التواصل مع الأراضي التركية. إذ بات لديها من السلاح الكافي لإعادة كسر التوازنات في المنطقة ولعلّ إسقاط الطائرة الروسية خير دليل على ما بلغه حجم التسلّح النوعي».

وفي الوقت الذي يؤكد القادة السعوديون دعمهم اللامحدود للمعارضة السورية، يصرّون على أنّ تركيا ستعود قريباً الى المواجهة مع «أعداء الشعب السوري» فور إسقاط مفاعيل الإنقلاب الفاشل، وهم مَن اكتشفوا أنّ بعضاً من قادته كانوا من المكلّفين الملف السوري على جبهتي حلب ومشروع الدويلة التركية. وهو ما يُظهر أنّ يد أردوغان لم تكن مطلقة سابقاً.

وأنه كان هناك مَن يعوق تنفيذ قراراته، كما ستكون عليه بعد إعادة النظر في تركيبة القيادة العسكرية التركية المكلّفة الملف السوري تحديداً، وأنّ الأمر لن يطول ليعود الى ترجمة قراره بدعم المعارضة السورية بكلّ ما تحتاجه من دعم عسكري وسياسي وإنساني.

ولا يتردّد القادة السعوديون في التأكيد أنّهم لن يقاطعوا موسكو، فهي «ليست طهران»، بل «دولة كبرى»، ولنا علاقات ومصالح متبادَلة الى حدود كبرى وأنّ الحوار معها أجدَى من القطيعة ونسعى الى تغيير قواعد اللعبة في سوريا بالديبلوماسية – الإقتصادية.

فموقع الرياض الداعم للمنظّمات السورية المعارضة القوية يضعها في موقع متقدّم على تمسّك الأميركيين بفصائل سورية صغيرة تدعمها ولا تستطيع حماية مواقعها، قبل أن تبادر الى الهجوم في أيّ موقع كان باستثناء مدينة منبج حيث تساندها في المواجهة هناك الوحدات الكردية القوية والمتمكّنة من قدراتها العسكرية والبشرية.

وعليه يختصر زوار الرياض ما عادوا به من انطباعات، بالإشارة الى أنّه وبعد وقف مساعي التهدئة في اليمن والسعي إلى كسر طوق حلب ما يُنذر بأسوأ المواجهات العسكرية في الجبهتين وما يمكن أن تحمله من مفاجآت، ويدعون الى انتظار الأيام المقبلة التي ستحبل بالتطوّرات المتوقعة.