يحضر لبنان في القمة العربية برئيس حكومة لتصريف الأعمال ويغيب عن مقعد لبنان رئيس الجمهورية الذي لم ينتخب بعد والذي لو كان موجوداً لأضفى بوجوده نوعاً من الاختلاف ضمن حضور قادة القمة باعتباره الرئيس المسيحي الوحيد بين الرؤساء والقادة العرب.
في كل الحالات ليس المهم بالنسبة للبنان الحضور فقط على مستوى رئيس جمهورية أو على مستوى رئيس حكومة مستقيلة، بل المهم هو مكانة لبنان في النقاشات بين المسؤولين العرب، وهو بالتأكيد سيكون حاضراً ولكن هذا الحضور لن يكون من باب أهمية لبنان بل من باب أنّ هذا البلد أغرقه بعض اللبنانيين وبعض العرب والعجم في ما هو فيه من مشاكل وانهيارات يهدد استمرارها بأن يبقى لبنان بؤرة عدم استقرار في المنطقة في وقت تسعى المملكة العربية السعودية ودول أخرى من أجل استعادة استقرار المنطقة وازدهارها.
سيحاول لبنان أن يقول للعرب إنه يحتاجهم في كل المجالات ولكنهم سيردّون بأن على لبنان أن يعالج أوضاعه أولاً كي يدخل في المسار العربي المستجد، ولذلك فالرسالة ستكون واضحةً لجهة أن ينتخب اللبنانيون رئيساً في أسرع وقت ممكن وأن يشكلوا حكومة تستطيع أن تواكب التطلعات العربية والتطلعات اللبنانية الراغبة في الإصلاح وقيام الدولة وأن لا مجال لمساعدة لبنان إلا في هذا السياق.
ستكون عين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في هذه القمة على رجلين، الأول هو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لأنّ في يده مفاتيح أساسية تتعلق بالوضع اللبناني وارتباطاته في المنطقة، أما الثاني فهو الرئيس السوري بشار الأسد الذي يرغب الرئيس ميقاتي في إعادة إحياء العلاقة معه لأسباب متعددة منها ما هو خاص ومنها ما له علاقة بلبنان بدءاً من أزمة اللاجئين وصولاً إلى ضمان أمن الحدود وسيادتها. ولكن محاذير كثيرة قد تحيط بتحرك الرئيس ميقاتي في هذا الإتجاه وقد يكون أبرزها تداعيات تفجير مسجدي السلام والتقوى في طرابلس والتي أثبتت التحقيقات أنّ مسؤوليتها تقع على عاتق النظام السوري وأنّ مطلوبين في إطارها لم يسلموا للسلطات اللبنانية لمحاكمتهم.
إن حضور لبنان في القمة العربية قد يصفه البعض بأنه لزوم ما لا يلزم ولكنه في الحقيقة ليس كذلك، بل هو ولو كان من دون تأثير او فعالية يبقى دليلاً على أنّ هذا البلد موجود وأنّ هناك إرادة عربية لمساعدته شرط أن يساعد نفسه، وهنا تكمن المعضلة، لأنّ هذه المسألة لا يمكن أن تحصل إلا من خلال مواجهة من همّشوا لبنان وأبعدوه عن محيطه العربي وهؤلاء أصبحوا اليوم على تماس مع الدول العربية الفاعلة ومهمتها إن قرر اللبنانيون المواجهة لاستعادة قرارهم ودولتهم أن تقف إلى جانبهم في الضغط على هؤلاء لإطلاق سراح لبنان الرهينة.