طرحت في اليومين الماضيين العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول غايات واهداف زيارة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في هذا التوقيت بالذات وبعد فترة وجيزة من اعلان «ورقة النوايا» مع العماد ميشال عون.
من الواضح بحسب اوساط مسيحية متابعة ان هناك اكثر من رسالة ولو من ناحية ارادت القيادة السعودية توجيهها من خلال استقبال جعجع وهذه الرسائل تلخصها المصادر بالاتي:
1- لا شك ان تحديد موعد لرئيس القوات مع عاهل السعودية الملك سلمان، هو تعبيرعن حفاوة غير منتظرة تجاه سمير جعجع في وقت ينتظر رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط منذ فترة تحديد موعد له مع الملك سلمان، لكن ذلك لم يتحقق حتى الآن، فحتى الزيارة التي قام بها موفد جنبلاط مؤخراً الى السعودية الوزير وائل أبو فاعور شهدت فتوراً في طبيعة اللقاءات هناك، بحيث اقتصر اللقاء على مسؤولين في الاستخبارات السعودية.
2- اعادة العلاقة بين جعجع ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري الى طبيعتها بعد بعض الفتور الذي ساد هذه العلاقة في الفترة الماضية على خلفية ملفات عدة ابرزها اعتراض جعجع على تعاطي المستقبل مع حقوق المسيحيين.
3- يريدون من وراء هذه الزيارة الاشارة بوضوح الى انهم لا يتكلون على الحريري فقط في طريقة التعاطي مع الملف اللبناني وخاصة المسيحي ولذلك جاء تحديد اللقاء مع الملك سلمان.
4- توجيه رسالة للرأي العام المسيحي اولاً والغرب ثانيا ان السعودية مهمتها تثبيت الوجود المسيحي في لبنان وبرز هذا الامر بشكل واضح من خلال ابراز وسائل الاعلام السعودية – الحياة – الشرق الاوسط وأم. بي. سي للزيارة، وبالتالي تريد عبر هذه الحفاوة لجعجع ان تقول انها لم تتخل عن دعم المسيحيين، وان كانت الرياض قدتسعى لاستثمار هذا الامر لدى بعض العواصم الغربية، خاصة العاصمة الفرنسية.
الا ان الاهم ووفق الاوساط ان السعودية ارادت من وراء تحديد موعد سريع لجعجع واعطاء هالة كبيرة لها التأكيد على ثلاثة مسائل اساسية وهي:
– اولا: ان القيادة السعودية لا تزال تضع «فيتو» على ترشيح العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية وتاليا فهي منزعجة من توقيع «ورقة النوايا» بين جعجع وعون، خصوصا ان الذهاب بعيداً في التفاهم بين الرجلين سيتم على حساب حليفها الاول سعد الحريري، ولذلك ارادت السعودية «فرملة» اي خطوات انفتاحية جديدة بين القوات والتيار الوطني الحر.
– ثانيا: ان الرياض لا مصلحة لها اليوم ولا تريد اعطاء اي اشارة للعماد عون على مستوى العمل الحكومي بل ان السعودية لا تزال تعمل لابقاء التأزيم في الوضع الداخلي دون ان تصل الى مرحلة الانفجار، لان القيادة هناك تريد ابقاء التسوية في لبنان ورقة في يدها بانتظار اوان التسويات في المنطقة. ولهذا تقول الاوساط ان الرياض ستمنع الحلول فحتى ملف العسكريين المخطوفين تتم عرقلته لهذه الغاية.
ثالثا: ان يرفع جعجع «دوز» خطابه الحاد ضد حزب الله على الصعيدين الداخلي والسوري في سعي مكشوف لمحاولة حشر «الحزب في بعض القضايا الساخنة خصوصا مشاركته في محاربة الارهاب في سوريا.
ولذلك يبقى السؤال الاخير هل يتمكن جعجع من العودة الى خطابه الساخن ضد العماد ميشال عون ام ان هناك محاذير للسير بهذا التوجه؟
بحسب الاوساط فان لرئيس القوات اللبنانية سمير جعجع مصلحة شخصية وحزبية في عدم اسقاط «ورقة النوايا» مع العماد ميشال عون فهذه الورقة تمكن جعجع من الاستفادة منها في مواضيع عديدة بداء من تعويم وضعه مسيحيا بعد الارتياح المسيحي العام «لورقة النوايا» وايضا تثبيت موقعه كمرجعية مسيحية يأتي في المرتبة الثانية بعد عون لذلك تعتقد الاوساط ان جعجع ليس في وارد التخلي عن ورقة «اعلان النوايا» لكنه في الوقت ذاته لن يتقدم اي خطوة ايجابية اخرى باتجاه عون على الرغم من ان جعجع اوفد امس مستشارة للشؤون الاعلامية ملحم رياشي الى الجنرال لوضعه في اجواء زيارته للسعودية.
وانطلاقا من كل ذلك تلاحظ الاوساط ان اجواء التأزيم في الوضع الداخلي ستبقى هي العنوان الابرز للمرحلة المقبلة لكنها تستبعد ان تصل الامور الى حدود استقالة رئىس الحكومة تمام سلام على خلفية آلية عمل مجلس الوزراء الذي يتوقع ان يشهد حلولا وسطية دون ان يؤدي الى تعويم الحكومة وعملها.