تفاعلت، في اليومين الماضيين، حادثة الاعتداء على حرج قطمون، على الحدود اللبنانية – الفلسطينية، في خراج بلدة رميش (بنت جبيل)، لتتحوّل قضية منع شبان من قطع أشجار معمرة ليس خافياً أن رجال المقاومة يستخدمونها للتخفي عن عيون العدو إلى خرق للحريات العامة. علماً أن موقع الحادثة بعيد من المناطق السكنية، ويضم مركزاً لـ«جمعية أخضر بلا حدود» التي تنتشر في عدد من الأماكن الحرجية على الحدود مع فلسطين، لمنع قطع الأشجار التي، إضافة إلى فوائدها البيئية، تعيق أي عمل عدواني إسرائيلي. وعلى مدى سنوات، تصدّت الجمعية لمئات الاعتداءات على الأشجار قرب الحدود، وزرعت ما يزيد على 200 ألف شجرة وأسهمت في إطفاء حرائق وتنظيم دورات تدريبية لحماية البيئة.
ما حصل في رميش، بحسب أحد أبناء البلدة، يهدف إلى «إقحام أبناء رميش في النزاع السياسي بين القوات اللبنانية وحزب الله». ولفت إلى أن «وجود القوات المستجد في رميش، والذي ازداد بعد الأزمة الاقتصادية بفعل دفع أموال لعدد من الشبان وتأمين الأدوية وغيرها، يسهم اليوم في تغيير طريقة تعامل أبناء رميش مع محيطهم. واستمرار هذا النهج لن يخدم البلدة ولا المقيمين فيها». علماً أنه منذ التحرير عام 2000، «لم تسجّل أي حادثة ذات طابع سياسي أو أمني بين رميش ومحيطها. أبناء رميش جزء أساسي من النسيج الجنوبي، وتربطهم علاقات مميزة مع أبناء القرى المجاورة، وكانت لهم في حرب تموز مواقف مميزة واستقبلوا عشرات الأسر النازحة في منازلهم». لذلك، ما حصل أخيراً، بحسب أحد المرابطين على الحدود، هو «الأول من نوعه. سابقاً كان الأهالي يشحّلون أشجار حرج قطمون. لكن، خلال الأشهر الماضية، تم قطع مئات الأشجار، معظمها من السنديان المعمّر».
وتعتبر قطمون منطقة أثرية وتضمّ معبداً رومانياً أعاد الصليبيون ترميمه، ثم تملّكها آل غانم الذين سكنوا المنطقة. عام 1948 أصبح جزء منها داخل فلسطين، فيما يملك الجزء اللبناني عائلات غانم والحاج والعلم. وهي منطقة استراتيجية، محاطة بالأحراج، ترتفع في إحدى نقاطها 812 متراً عن سطح البحر، وتكشف الكثير من الأماكن والمواقع داخل لبنان وفلسطين المحتلّة، ومنها قصف العدو الإسرائيلي موقعاً للجيش اللبناني في مدينة صور عام 1975، ما أدى إلى قتل 5 من ضباطه وجنوده.