IMLebanon

وجائحة قطع الطرقات

 

على من يقطعونها! الجواب بدهي وسريع ومباشر: على أهلهم وذويهم واللبنانيين «الغلبانين» الذين ما أن يُداووا جرحاً حتى تسيلَ جراحُ. لقد أدى قطع الطرقات أول من أمس الإثنين إلى سقوط ثلاث ضحايا بريئة من الشباب الواعد: عريف في الجيش اللبناني سقط ضحية حادث نجم عن قطع أوتوستراد الفيدار، فاصطدمت سيارته بسيارة آتية من الجهة المعاكسة. كما سقط شابان زغرتاويان بسبب شاحنة متوقّفة ليلاً قاطعةً الطريق في عرض أوتوستراد شكا من دون أي إضاءة أو إشارة أو محاولة لفت إنتباه. فاصطدمت سيارة الشابين بها، كما بات معروفاً فدفعا روحيهما بسبب قطع الطرقات.

 

إنها مأساةٌ فعلاً. وفي مسار مأساوي موازٍ، غرّد الدكتور فراس أبيض مدير مستشفى رفيق الحريري مُدوّناً كلاماً موجعاً عبر «تويتر» قائلاً: «مستشفى رفيق الحريري الجامعي والمستشفيات الأخرى، المليئة بمرضى كورونا، تشكو إنخفاضاً مُقلقاً في مخزون الأوكسيجين. لم يتمكّن المورّدون من إيصال الغاز الذي تشتدّ الحاجة إليه، بسبب الطرقات المقطوعة. تمّ إبلاغ وزارة الصحة والقوى الأمنية بهذا الأمر. بدون الأوكسيجين سوف نخسر أرواحاً عزيزة».

 

هذا من التداعيات الخطرة جداً جراء لجوء البعض إلى قطع الطرقات في تصرّف أقلّ ما يُقال فيه إنه جريمة موصوفة في حقّ الناس الساعين إلى تأمين ما يمكنهم من تكاليف حياتهم، ولو في الحدّ الأدنى. وبينهم كثيرون إن لم يعملوا يومهم بيومهم فلا يأكلون. ناهيك بالحالات الطارئة التي شاهدها الناس عبر شاشات التلفزة خصوصاً المرضى الذين يتعذّر عليهم الوصول إلى مواعيدهم الإستشفائية والطبية.

 

ألا يكفي اللبنانيين ما يُعانونه؟ ألا يكفيهم حجر أشهر طويلة بسبب جائحة كورونا، لتحجرهم مجدداً «جائحة» منعهم من الإنتقال إلى توفير لقمةٍ بات معظمهم يلهث وراءها فتهرب منه؟!.

 

من حقّ الناس التظاهر. والتعبير عن الرأي بالصوت العالي وبالصورة الملوّنة. وأن يرتفع صراخهم في وجه طبقة أوصلتهم إلى الجوع الكافر، ولكن ليس من حقّهم أن يتصرّفوا بما ليس له من مردود سوى الزيادة في الضائقة ضيقاً، وفي الألم وجعاً، وفي الجوع طوىً، وفي ما تبقى من بصيص أمل يأساً.

 

ثمّ، إلى أين أوصل قطع الطرقات سابقاً؟ إلى لاشيء. فماذا تغيّر؟ وماذا تحقّق بهذا التصرّف الذي تنهى عنه القوانين واعتبره قائد الجيش العماد جوزاف عون أحد مَحظورَين إثنين، والثاني الإعتداء على الأملاك العامة والخاصة.

 

ألم يبلغ قُطّاع الطرق أنّ الدولار ارتفع منذ أن باشروا بهذا التصرّف المرفوض، من تسعة آلاف إلى عشرة آلاف وخمسماية ليرة؟ والسؤال الذي يطرح ذاته: أين الثوار الحقيقيون؟ لماذا تركوا ساحة النضال الشريف الذي بدأوه، ذلك السابع عشر من تشرين الأغرّ، ليخلوها إلى قطّاع الطرق؟

 

أيّ لبناني ليس يُعاني الظلم والقهر والبؤس؟ فلماذا تنصبون حواجزكم في وجوههم وتدفعونهم إلى الكفر بكلّ شيء، وبالذات بكم؟ وهل اكتفى قطّاع الطرق بثلاث ضحايا بريئة، أم تراهم يطلبون المزيد؟ برّد الله قلوب ذوي الضحايا.