لليوم السابع على التوالي، تواصلت الاحتجاجات في العالمين العربي والاسلامي والعديد من دول العالم، رفضاً لقرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب اعلان القدس عاصمة لـ»إسرائيل».
وبالتقاطع مع انعقاد «مؤتمر القمة الاسلامية الاستثنائي في اسطنبول يوم أمس، تجددت التظاهرات والمواجهات في الاراضي الفلسطينية المحتلة مع قوات الاحتلال التي بالغت – كالعادة – في استخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي والمطاطي في مواجهة شبان، كل سلاحهم أنهم يرمون الحجارة ويشعلون الاطارات المطاطية احتجاجاً ورفضاً لقرار ترامب، مشفوعة بتطور لافت على مستوى الفصائل الفلسطينية كافة، ونخب سياسية وثقافية يدعو الدول العربية والاسلامية الى سحب سفرائها من الولايات المتحدة وطرد السفراء الاميركيين منها، والغاء العقود التجارية والعسكرية، ومقاطعة البضائع الاميركية حتى تعود الادارة الاميركية عن قرارها..
في قناعة عديدين، أن ما حصل بعد اعلان ترامب حوّل الفلسطينيين وسائر الرافضين من الدفاع الى الهجوم والرد على القرار الاميركي، بـ»لا» كبيرة.. وفتح الأعين على ما يمكن ان تؤول اليه التطورات، خصوصاً وأن المناهضة الدولية والعربية للقرار الاميركي، اتسعت على نحو غير مسبوق وغير متوقع، حتى بات عديدون يرون ان الرئيس الاميركي بات يعيش في عزلة دولية، وقد كسر الفلسطينيون وسائر الشعوب المتضامنة حاجز الخوف من الجبروت الاميركي..
بالطبع، لم يكن، ولن يكن لبنان بمنأى عن هذه التطورات، بل في صلبها، والاحتجاجات اللبنانية لم تقتصر على فريق دون الآخر، او حزب من دون الآخرين، وان كان لكل فريق طريقته في التعبير، خصوصاً وأن الرفض لم يقتصر على الفئات الشعبية والاحزاب والفصائل، بل كان في صلب مواقف القيادات السياسية للدولة اللبنانية، فرئيس الجمهورية ميشال عون، كما رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، أجمعوا على ان القرار الذي اتخذه الرئيس الاميركي خطأ كبير، بل خطيئة كبرى، ويجب العدول عنها، لاسيما وأن هذا القرار يخالف سائر القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي.. إلا أن ذلك لم يمنع البعض من التحذير والاستعداد «للعواصف المقبلة» خصوصاً وأن «كل مؤتمرات العالم لن تنفع إلا في تأجيل الكارثة..»؟!. وقد حظيت المواقف اللبنانية باشادات فلسطينية، أكدت بالتوازي على ضرورة عقد قمة عربية طارئة لتوحيد الجهود لمواجهة القرار الاميركي.. وقد شهدت العاصمة التركية اسطنبول أمس، مؤتمراً اسلامياً جامعاً حضرته 48 دولة وغاب عنه ستة عشر رئيس دولة وملكاً وأمير، من بينهم مصر والسعودية.. وقد تمثل لبنان، برئيس الجمهورية العماد ميشال عون (الرئيس المسيحي الوحيد بين المجتمعين) الذي كانت له مواقف لافتة أكد فيها تمسك لبنان بعروبة القدس عاصمة لدولة فلسطين من دون ان يعني ذلك خرقاً لبيان «النأي بالنفس» الذي أقرته الحكومة قبل نحو اسبوع تقريباً، باجماع مكوناتها.. ومن بينهم «حزب الله» وحركة «أمل»، والعديد من الاحزاب السياسية، التي ترى ان المعطيات الاقليمية باتت جاهزة لاعادة تصويب البوصلة باتجاه موقع الصراع المصيري – الحقيقي مع «إسرائيل»، خصوصاً وأن قضية فلسطين، كادت تختفي من الوجدان، بفعل «حروب الاخوة الأعداء» في غير دولة عربية.. ومن بينها العراق وسوريا.
وفي السياق، فقد كان لافتاً الموقف الأخير، قبل أيام، للأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله وهو يخاطب آلاف المحتشدين في الضاحية الجنوبية، حيث أطلق ما يمكن اعتباره «خريطة طريق» لمرحلة ما بعد الانتهاء من حروب المنطقة، تعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية، وتتجاوز الاعتصامات المدنية.. مؤكداً «اننا في «حزب الله» و»المقاومة الاسلامية» في لبنان ستقوم بمسؤوليتنا كاملة»؟!
على ما يظهر، فإن أولى أسس «خريطة الطريق» هذه، هو «اعلان انتفاضة فلسطينية ثالثة على كامل الاراضي الفلسطينية المحتلة» داعياً العالمين العربي والاسلامي أن يقف الى جانبها ويساندها، ليبنى على الشيء مقتضاه في ما يلي:
– وضع استراتيجية موحدة للمواجهة، واضحة ومحددة..
– وضع خطة ميدانية وعملانية تتوزع فيها الادوار وتتكامل فيها الجهود في المواجهة..
– دعوة السلطة الفلسطينية والدول العربية والاسلامية الى قطع العلاقات ووقف التفاوض ما لم يرجع ترامب عن قراره..
الواضح، ان السيد نصر الله يراهن على ان «محور المقاومة يكاد ينهي معاركه في الاقليم ويلحق الهزيمة بكل الادوات التكفيرية التي استخدمتها أميركا وإسرائيل لاسكاته وسحقه..» ويعود الحزب من العراق ومن سوريا الى لبنان، «لتكون أولوية اهتماماته القدس وفلسطين وشعبها ومقاومتها بكل فصائلها..». ما يعني ان لبنان سيعود الى قلب المعركة الحقيقية.. وان كانت المسؤولية تقع على الجميع، وبالدرجة الاولى على الفلسطينيين، لأنهم الخط الأول، وانتفاضتهم هي العامل الأكثر حسماً..» من دون ان يغفل نصر الله عن مخاطبة من قرر الا يعتمد المقاومة المسلحة سبيلا لاستعادة الحقوق، مقدماً نصيحة «براغماتية» داعياً رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بوقف المفاوضات، أقله الى حين يتراجع ترامب عن اعترافه بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال «وبعد ذلك اذا أرادت السلطة العودة الى طاولة المفاوضات فهذا شأنها..»؟!