IMLebanon

خرائط الطريق

يتسابق أركان الطبقة السياسية كلٌ من موقعه على الإعلان عن خريطة طريق لحل الأزمة الداخلية التي دفعت الشعب اللبناني للنزول إلى الشارع رافعاً شعاراً واحداً في وجه هذه الطبقة «طلعت ريحتكم» وقد إختاره من جبال الزبالة المنتشرة في كل لبنان بعدما عجزت هذه الطبقة عن إيجاد حل لها بسبب خلافاتها على تقاسم الحصص.

واللافت في هذا المجال أن كل الخرائط التي نشرتها وسائل الإعلام كانت واحدة بقدر كبير بحيث أن كل أركان هذه الطبقة أعلنت تأييدها للحركة المطلبية الشعبية واعترفت ضمناً بمسؤوليتها عمّا آلت إليه الأوضاع الداخلية من إهتراء على كل المستويات حتى وصلت إلى الزبالة والإنفجار الشعبي، لكن الأهم من ذلك أنها، أي الطبقة السياسية، سعت إلى سحب البساط من تحت الشعب من خلال خريطة الطريق التي ركّزت على ضرورة إنتحاب رئيس للجمهورية كبند أول يتولى تشكيل حكومة جديدة، وإجراء إنتخابات نيابية تُنجز مجلس نواب يختاره الشعب، لكنه سها عن بالها أن هذه الخريطة وضعت على طاولتهم قبل الشغور في رئاسة الجمهورية بسنوات دون أن تنجح هذه الطبقة نفسها في الوصول إلى أي إتفاق أو تفاهم حولها، لا في موضوع ملء الشغور الرئاسي، ولا في موضوع الإنتخابات النيابية على أساس قانون عادل، ولا في أي أمر آخر موضوع خلافي ما أدى إلى إيصال الحالة الداخلية إلى ما وصلت إليه، فيما ظلّوا هم يتربعون على كراسي السلطة وينهبون الدولة لكي يملأوا صناديقهم بالذهب الرنان، فيما الشعب يتلظى بنار الفاقة والفقر المدقع إلى أن وصل به الأمر إلى الإنتفاضة التي نشهدها هذه الأيام داعياً هذه الطبقة إلى الرحيل بعدما طلعت ريحتها، وبعدما أثبتت تصميمها على أن لا تسمع إليه وتستجيب لمطالبه وحاجاته ووجعه قبل فوات الأوان.

والواقع أن الأوان قد فات وانتفض هذا الشعب ونزل إلى الشارع مطالباً باستعادة حقوقه كاملة غير منقوصة من تعليم وطبابة واستشفاء وضمان صحي وضمان شيخوخة وتوفير فرص العمل للشباب الذي يقف على أبواب السفارات سعياً وراء الحصول على هجرة إلى أي بلد من البلدان التي تحترم حقوق الإنسان وترعاه بصرف النظر عن دينه وعون لونه ومذهبه، مهما حاولت هذه الطبقة تجميل صورتها من خلال تأييدها الكاذب للحراك الشعبي أو من خلال العودة إلى طاولة الحوار التي اجتمعت مرات ومرات ولم تنتج أي اتفاق ثابت في ما بين هذه الطبقة إلى أن وصلت الحال إلى ما وصلت إليه اليوم وسحب الشعب البساط من تحت هذه الطبقة ويحاول أن يقف في وجهها حتى لا تُعيد إنتاج نفسها من خلال تلك الطاولة التي تجمعهم اليوم والتي يقرأ عنوانها من خلال التحليلات والمواقف، وهو الفشل الذريع كما كان حالها في طاولات الحوار السابقة.