Site icon IMLebanon

طريق الرئاسة

يتّفق برّي مع الأكثرية النيابية على أن طريق أو الطريق إلى الرئاسة، ما زالت بعيدة، وبالتالي ما زال الحوار الذي يدور بين الفرقاء السياسيين، سواء على طاولة الحوار المرحّلة إلى الخامس من أيلول بعدما استنفد الحوار بين الفرقاء كل مبرراته وتحوّل إلى ما يشبه حوار الطرشان وسواء خارج الطاولة وعبر الاتصالات الثنائية التي يحرص رئيس مجلس النواب على التشجيع على استمرارها من منطلق أن لا بديل عن الحوار سوى الصدام الذي يعني الانزلاق إلى الفتنة المذهبية أو إلى الحرب الأهلية، وتزول من الساحة كل إمكانية لإعادة لملمة البلد وإيقافه على رجليه كما يقول المثل اللبناني الدارج.

إن الاعتبارات التي أملت على الرئيس برّي ما كان لينطق بها لو لم يكن قد استنفد على طاولة الحوار التي انعقدت مطلع هذا الشهر كل أمل في إمكانية التوصّل إلى قواسم مشتركة بين المتحاورين تُنتج اتفاقاً على قانون جديد للانتخابات بدل قانون الستين الذي إذا عُمل به سيدفع البلاد كما يقول إلى بؤرة الحرب الأهلية على أن يلي هذا الاتفاق إنتخاب رئيس للجمهورية، يُشرف على إجراء الانتخابات النيابية وفق القانون الجديد الذي يُريد منه رئيس المجلس تحقيق التوازن الوطني في المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، سواء جاء هذا القانون وفق القاعدة النسبية بصورة مطلقة أو وفق أية قاعدة أخرى من القواعد المطروحة على الطاولة وأمام اللجان النيابية.

وها هو الرئيس برّي يُعلن بعضمة لسانه أنه استنفد كل المحاولات من أجل الوصول إلى تسوية تفتح الباب أمام انتخاب رئيس للجمهورية والخروج من هذا النفق المظلم الذي وضعت فيه البلاد على مدى أكثر من سنتين وذلك بالرغم من كل الإيجابيات التي سجّلت في اليوم الأول من الحوار إلى درجة جعلت رئيس المجلس يطمئن إلى خواتيم الخلوة الحوارية، وبأنها ستأتي بالترياق المفقود والتي تحوّلت في اليوم الأخير إلى عُقد وعراقيل وعقبات أدت إلى الفشل الذريع وإلى ترحيل الحوار برمّته إلى الخامس من شهر أيلول.

وإذا كان الرئيس برّي المتفائل دائماً بإمكانية التوصّل إلى تسوية في موضوع الاستحقاق الرئاسي، إذا ما توفّرت الإرادة الوطنية عند جميع المكوّنات اللبنانية، إعترف بهذا الفشل وبأن لا انتخاب رئيس للجمهورية في الأفق المنظور، وقد سبقه إلى هذا القول رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط، وبعد الجلسة الحوارية الأولى، فذلك يعني أمراً واحداً، وهو على الرئاسة الأولى ألف سلام وأبواب جهنم كلها باتت مفتوحة على لبنان وعلى شعبه وليتحمّل المسؤولية أولئك الذين يتربعون على السلطة ويمتصون دماء الشعب والذين يُطلق عليهم أمراء الطوائف، والسؤال المطروح داخل كل بيت هو إلى متى يستمر تقاذف لعبة إسقاط وطن لمصلحة هؤلاء الأشخاص الذين ابتلى بهم الوطن نفسه، وحوّلهم الطمع بالسلطة والمال إلى أعدائه؟