Site icon IMLebanon

الطريق إلى قصر بعبدا «البرتقالي».. لا تمرّ بفيينا!

ليس بالضرورة أن يحصل «الانقلاب» بين ليلة التفاهم النووي وضحاها، كما يخطر ببال البعض، لكن تدفق عشرات المليارات في «ليلة القدر» الى خزينة «الامبراطورية»، من شأنه أن يكرّس «كل الفرق».

بالنتيجة، فإنّ اتفاق فيينا هو خطوة أولى على طريق الألف ميل. طريق مزروعة بألغام الاشتباكات التي وضعت طهران في مواجهة مباشرة مع الرياض، في أكثر من بقعة. ولا يمكن بالتالي فكفكتها الا من خلال جلوس الطرفين الى طاولة حوار تشكل ممرا الزاميا لشبكة التفاهمات في المنطقة.

من هذا المنظار بالذات، لا تجتاح الحماسة أذهان الدائرة السياسية المحيطة بالجنرال ميشال عون، ولا تنتعش آمال أركانها لدى سماع الأنباء الآتية من العاصمة النمساوية. على ألسنتهم، لا ترقص مفردات الانتصار أو معادلات «الكسر» على قاعدة الغالب والمغلوب التي تحمل رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» الى قصر بعبدا على متن الاتفاق النووي.

صحيح أنّ هناك من زمّر وطبّل لسيناريو انتصار كاسح ستقوده ايران وتغزو به المنطقة لتمدّ ذراعيها يمنة ويسرة وتصير كلمتها واحدة، لا ثانية لها.. وهناك أيضاً من سرح في خياله قليلاً ورسم مشهداً انقلابياً من شأنه أن يغيّر موازين القوى المحلية مع هبوب رياح التوافق النووي، ويزيح فخامة الشغور من على كرسي الموارنة. لكن القراءات الهادئة المستندة الى المقاربات العلمية، لا تحمل النبرة ذاتها، إنما تبدو أكثر تشاؤماً.

لا ينفي أحد المحيطين بـ«الجنرال» حصول التأثير نتيجة الاتفاق النووي، سواء على المشهد اللبناني، أو تلك البقع الملتبهة بفعل التصادم بين محوريّ المواجهة، من دون أن يكون لديه تصور واضح للإخراج الذي سيطبع مسار التطورات، مع أنه لا يستبعد أن يكون التفاوض حول الملفات السياسية قد بدأ منذ فترة على هامش المفاوضات النووية.

بتقدير بعض محيط «الجنرال» أنّ المسيحيين لم يعد بمقدورهم تجرّع كأس السم فيما لو اتفقت ارادات الدول الكبرى على تسوية لا تراعي النزيف المسيحي في الشرق. بكلام أوضح، يقول الشخص نفسه إنّ هناك خشية حقيقية من أن يغيب المسيحيون عن طاولة التسويات الكبرى في المنطقة، لا بل أن تأتي التفاهمات، في شقها اللبناني، على حساب آخر مسيحيي الشرق، وأن لا تأخذ بالاعتبار الهواجس التي تثير الخوف في عقولهم من المستقبل الغامض.

ولهذا، لا يمكن للمسيحيين، برأيه أن يتنازلوا عما يعتبرونها حقوقاً جوهرية، أو بالأحرى «أصلية» لا تقبل التسويات ولا تحتمل التنازلات، وفي طليعة هذه القضايا قانون الانتخاب الذي صار حاجة ماسة لا بل الهواء الذي لا مكان لهؤلاء أن يبقوا على قيد الحياة اذا لم يتنفسوه.

وفي الفريق ذاته من يسرد قراءته على الشكل الآتي: من الصعب أن يجد الاتفاق النووي ترجمة له على المستوى السياسي، أي عبر إعادة رسم خريطة النفوذ في المنطقة، في وقت قريب. فهذا مسار طويل وقد تلعب التطورات الميدانية دوراً مؤثراً في مساره. وتضيف القراءة أنّ الخلاف في المنطقة، ليس ايرانياً ـ اميركياً كي تأتي التسويات على متن الاتفاق النووي، لا بل هو ايراني ـ سعودي بالدرجة الاولى، فيما تقف «مملكة النفط» في صف المواجهة الأول للاتفاق النووي.

وهذا يعني أنّ الرياض لن تصفق لإنجاز فيينا، ولن تقبل بسهولة بمفاعيله السياسية. لا بل ثمة اعتقاد سائد أنّ السعودية ستستعين بكل الأوراق التي بين يديها كي تحسن موقعها التفاوضي قبل أن تعترف بالواقع الجديد وتتعامل مع متغيراته.

هكذا، يتوقع أصحاب هذه القراءة أن تنحو السعودية باتجاه التصعيد، لا التسليم بمنطق الحوار العقلاني مع إيران. ويسأل هؤلاء: اذا كانت السعودية تمانع وصول العميد شامل روكز الى قيادة الجيش، فكيف يمكن لها أن تقبل بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية؟ أو بمعنى آخر، كيف يمكن لها أن تقبل بانكسارها في لبنان؟

سبق للسيد حسن نصرالله أن وضع حليفه البرتقالي في أجواء التشنج الاقليمي الذي قد يحول دون الباسه عباءة المرشح التوافقي، التي لا غنى عنها للوصول الى قصر بعبدا. ما يعني، وفق بعض العارفين، أنّ الرجل لن ينتظر قرع الطبول السعودية كي يعاين البطاقة الحمراء التي قد تخرجه من السباق الرئاسي، بحجة أنه طرف وليس حيادياً.

ومع ذلك، فإنّه من غير المرتقب أن يقدم ميشال عون بطاقة انسحابه من الرئاسة مجاناً، وهو العارف أنّ زمن التفاهم الاقليمي لم يحن بعد، ولا معنى بالتالي لحرق المراحل أو الأوراق..