IMLebanon

الطريق الى النقابة

… أشكر الله تعالى وأحمده كوني توّجت رحلة طويلة في عالم الصحافة، بدأت منذ العام 1970 واستمرت الى اليوم، بأن أتولى مهمة نقيب الصحافة اللبنانية، وهو الموقع الصحافي الأول في لبنان.

بدأت تلك الرحلة في العام 1970 -كما ذكرت- في «الشرق» التي أسّسها المرحوم جدّي عوني الكعكي في العام 1926 الذي عانى كثيراً من الإنتداب الفرنسي كون «الشرق» انطلقت تدعو للإستقلال التام والناجز.

وفي أربعينات القرن العشرين الماضي تولّى المرحوم والدي خير الدين الكعكي المسؤولية عن «الشرق» إثر وفاة المرحوم والده، وبدوره عانى الكثير مع الحكم الإستقلالي لأنّ «الشرق» كانت تناضل في سبيل وطن حر سيّد مستقل الحكم فيه يقوم على الشفافية والإنماء المتوازن والإنتماء الى العروبة، ودولة المؤسّسات.

في سنوات عمره الأخيرة عانى والدي مرضاً جدّياً وكانت ظروفه صعبة فتأثرت «الشرق» بتلك الظروف وتراجعت بشكل ملحوظ.

في السبعينات توفّى الله والدي فتسلمت الجريدة مع شقيقي معين… وكان هاجسي الدائم كيف يمكنني توفير الموارد التجارية لاستمرارية الصدور، على ألاّ تكون تلك الموارد مرتبطة بأي هدف سياسي.

وكان لديّ حلم انطلق ذات غداءٍ أقامه المرحوم سعيد فريحة إذ دعا والدي ووالدتي أمد الله في عمرها والمرحومين نجيب حنكش وصباح وأنا وشقيقي، وكنا في عمر الفتوّة، أذكر أنّ الاستاذ سعيد قال لوالدي: يا خيري أتعلم أنّ «الشبكة» هي التي تقوم بأعباء ونفقات دار الصيّاد؟ (الصيّاد والأنوار).

فسألت والدي: لماذا لا تصدر مجلة فنية الى جانب «الشرق»؟

فانتهرني قائلاً: لا تتدخل في شؤون الكبار، أخذت على خاطري، ولكنني صمّمت: ما أن أصبح قادراً وفي العمر المناسب سأصدر مجلة وسأنجح فيها.

سنة 1980 بدأت بإصدار مجلة «نادين»، وبسبب علاقاتي المميّزة مع القيادة السورية آنذاك طُلب إليّ أن أكون نقيباً للصحافة، فرفضت لأنني كنت لما أزال أعمل على تنمية قدراتي المهنية والاقتصادية.

وكانت «نادين» الى جانب شقيقاتها من المجلات المتخصّصة التي أصدرتها: «أولمبياد» الرياضية، «نادين الأم والطفل» التي هي على عاتق ابنتي، و«نادين مود» المتخصّصة بعالم الأزياء، و«نادين الساعات» و«الطبيب» المتخصّصة بما يوحي به اسمها، و«أوتوموبيل» (مع رفيقي وصديقي ابراهيم فخري) وهي متخصّصة بالسيارات.

الى ذلك، أنشأت مطبعتين حديثتين في واحدة من أكبر دور الطباعة في لبنان متخصّصة بطباعة الصحف من جرائد ومجلات، تطبع فيها على سبيل المثال لا الحصر: «المستقبل» و«الشراع» و«الدبور» و«الأديب» الى عدد كبير من الأسبوعيات والدوريات لا مجال لتعدادها.

بعد هذه الرحلة الممتدة نحواً من 45 سنة ارتأيت أن أكون نقيباً للصحافة، فأعطي الكثير من وقتي للعمل النقابي، لذلك رُشّحت الى النقابة مع كوكبة من الزملاء (الـ17 عضواً الآخرين) الذين حرصت في انتقائهم على أن يمثلوا كل شرائح المجتمع اللبناني ديموغرافياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

وبفضل ربّ العالمين، ولعدم تمكّن الطرف المنافس من تأليف لائحة حقيقية في مواجهتنا، فزنا بالإجماع علماً أنّ المرشحين الثمانية الذين تقدّموا رسمياً انسحب بعضهم وتغيّب البعض الآخر، وأبلغنا أحدهم أنّه قرأ اسمه مرشحاً من دون أن يكون قد تقدّم بترشّحه! علماً أنّ الترشّحات لم تأتِ عن صحف تصدر باستثناء ترشّح واحد وقد تغيّب، وأنا أحترم من ترشّح ومن تغيّب، فنحن في بلد حريات، ولكل صحافي مستوفِ الشروط الحق في أن يعبّر عن رأيه بالأسلوب الذي يشاء.

وأعترف بأنّ لذة الفوز لا تضاهيها لذة… إلاّ أنني اليوم أنظر الى الأسرة الصحافية كلها نظرة واحدة: من أيّد ومن عارض على حدٍ سواء، وسأعمل بإذن الله مع الزملاء الذين اخترتهم في اللائحة فنقبل التحدّي لنعيد لنقابة الصحافة وهجها كواحدة من أبرز نقابات المهن الحرّة، خصوصاً وأنها وجدت قبل أكثر من مئة سنة.

وختاماً أكرّر الشكر والحمدلله عزّ وجل، وأطلب رضا والدتي حنة ابراهيم ابراهيم أمدّ الله في عمرها التي أسّست أوّل مجلّة نسائية في لبنان مع الاديب الكبير الصحافي المرحوم بيار روفايل، وكانت بإسم «المرأة والفن»، وأشكر جميع الذين شاركوني المسؤولية في دار «الشرق» من عام 1970 حتى اليوم.

وسأظل أشهد للبنان وطن الحريات والكرامة الإنسانية والريادة والتفوّق.