IMLebanon

السرقات تعمّ لبنان ولكنها “لا تُبلع” في زحلة

 

“راحِت الكهربا… سَرَحوا الحَراميّة”

 

 

إرتفعت الصرخة نهاية الأسبوع الماضي في منطقة زحلة الصناعية، إثر تكرر عمليات السرقة ليلاً، بعدما إستغل السارقون مواعيد التقنين المحددة بدءاً من الثانية من بعد منتصف الليل، لينقضّوا خصوصاً على محولات الكهرباء وتوصيلاتها، ما أدى الى تعطيل أعمال بعض الصناعيين، وتكبيدهم خسائر مالية، إضافة الى إعتداءات على بعض الأملاك.

 

الحوادث ليست حكراً على مدينة زحلة، فوفقاً لمصادر أمنية، يكاد لا يخلو يوم من تبليغات عن سرقات متنوعة تقع في مختلف المناطق، وقد تفاقمت خصوصاً بسبب إنقطاع الكهرباء، حيث بات أسهل على السارقين التنقل في الظلام الدامس، وتنفيذ عملياتهم من دون أن يتنبه ضحاياهم الى خساراتهم سوى في اليوم التالي.

 

ومع ذلك إتخذ بعض الشبان الإعتداء على الممتلكات في المدينة الصناعية كحالة منفصلة، وتداعوا الى إعتصام، دعوا إليه النائبين جورج عقيص والياس إسطفان، اللذين أبديا تفهمهما للصرخة، مقترحين عدة إجراءات إعتبرا أنها يمكن أن تخفف من السرقات، ووعدا بملاحقتها لدى الجهات المعنية، مع لجنة من شباب الحي إقترحا تشكيلها.

 

وكان أبرز ما طرحه عقيص وإسطفان إنشاء نقطة عسكرية ثابتة في المدينة الصناعية، تسيير دوريات ليلية للقوى الامنية وشرطة البلدية، تركيب كاميرات في ارجاء المدينة، تأمين الكهرباء بشكل دائم، وتشديد العقوبات على المرتكبين. وهذه مطالب يصعب تطبيقها في زحلة وحدها، طالما أن هناك إستحالة لتعميمها على باقي المناطق التي تعاني من سرقات مشابهة، وخصوصاً في ما يتعلق بإقامة الحواجز الأمنية الثابتة، في وقت تشكو القوى الأمنية من نقص في العديد وإمكانياته، بظل ظرف إقتصادي يفرض أعباءه على العسكر كما على سائر اللبنانيين.

 

أما تأمين الإنارة فمسألة ثانية. فقبل أسابيع فقط تفاءل المستفيدون من خدمة شركة كهرباء زحلة تحديداً، بساعات تغذية إضافية غنموا فيها لساعات ما بعد منتصف الليل. إلا أن فرحتهم لم تكتمل، إذ إن الشركة ما لبثت أن أعلنت زيادة ساعات التقنين نظرا لتراجع التغذية المتوفرة من مؤسسة كهرباء لبنان، معللة السبب أيضاً بتخفيض فاتورة الكهرباء بظل الإرتفاع الفاحش بأسعار المازوت، علماً أن بلدية زحلة أعلنت من جهتها عن تخفيض ساعات الإنارة العامة ليلاً للسبب نفسه.

 

وقد رفض رئيس بلدية زحلة – معلقة وتعنايل أسعد زغيب ربط السرقات بساعات التقنين أو إطفاء الإنارة العامة، معتبرا «أن الظرف القائم صعب جداً، ومسؤوليتنا الوطنية تقتضي التقنين بإستخدام مادة المازوت، ليس فقط لتخفيض فواتيرنا وإنما لعدم تبديد إمكانياتنا التي لا زالت متوفرة في إستيراد المازوت الذي بات سعره العالمي مرتفعاً أيضاً».

 

في المقابل لفت زغيب «الى صعوبة تأمين حراسة ليلية تامة من قبل الشرطة البلدية، خصوصاً ان عديد شرطة زحلة محدود، ويتوزع حالياً على أربعة دوامات، بين الليل والنهار، قسم من هؤلاء يقوم بدوريات ليلية مستمرة، ولكن كما هو معلوم الحرامي لا يمكن إنتظاره، وبالتالي قد تكون الدورية في مكان ما، بينما السارقون في مكان آخر، مع الأخذ في الإعتبار إتساع نطاق مدينة زحلة وبلديتها الذي يمتد الى التويتي وتعنايل».

 

وإذ أيد زغيب فكرة كاميرات المراقبة، لفت في المقابل الى صعوبة إجراء تلزيمات لتأمينها فوراً، «خصوصا أن لا مقاولين يتقدمون لإلتزام المشاريع، ونحن نعجز حالياً عن تركيب لمبة، فكيف الحال بتركيب كاميرات»؟ شارحاً أن المعضلة الأساسية بالنسبة لهذا المشروع باتت في عدم إستقرار الليرة، ما يجعل المقاولين يحجمون عن تعهد المشاريع خوفاً من الخسارة التي يمكن أن يتكبدوها، نتيجة فرق سعر صرف الدولار بين تاريخ إلتزام المشروع والمباشرة به ومن ثم تاريخ تسليمه.

 

وأبدى زغيب تفهمه لكون المطلوب من بلدية زحلة أكثر من غيرها لأن الناس تطلب عادة ممن تلاحظ أنه يعمل، ولكنه إعتبر ان مشكلة السرقات لا يمكن ان تحل إلا بفرض هيبة الدولة وتطبيق القوانين، مع عدم التدخل لوقف مخالفات وإلغائها سواء أكان من حررها من القوى الأمنية أو البلديات، وتوقيف السارقين ومحاسبتهم بغض النظر عن الظروف التي نمرّ بها جميعاً.

 

وإلى أن تستعيد الدولة هذه الهيبة مجدداً، تبقى العبرة في ضبط إنفعالات الناس، قبل ان تتحول الإعتداءات المتكررة على أرزاقها وكراماتها ذريعة إضافية للتخلي عن المؤسسات وإرساء شريعة الغاب.