IMLebanon

“ثلاثية المنصَّات” في الجنوب “حصّة الأسد” للقرى المسيحية

 في إحدى المرَّات، وقع إشكالٌ في بلدة شويا الجنوبية، بين أبناء البلدة وشاحنة صغيرة محمَّلة راجمة صواريخ، كان مَن فيها يريدون إطلاقها من البلدة. اعترض الأهالي، ومنعوا إطلاق الصواريخ، وحجّتهم في ذلك أنّ إطلاق الصواريخ من البلدة سيستدرج ردة فعلٍ إسرائيلية بقصفها. قامت القيامة على أبناء بلدة شويا إلى درجة أنّ بعض أهلها من الباعة تعرَّضوا لمضايقات حين كانوا يبيعون منتوجاتهم الزراعية الصيفية في صيدا.

اليوم، هناك أزمة بين قرى وبلدات في الجنوب وبين المقاومة، وتحديداً مع مطلقي الصواريخ. هناك «ثلاثية» في الجنوب: قرى وبلدات ذات أغلبية شيعية، وهذه مناطق تشكِّل «بيئة حاضنة» للمقاومة التي تتحرَّك مجموعاتها فيها بسهولة وسلاسة.

في المناطق ذات الأغلبية الدرزية هناك حالة اعتراض، بدأت سابقاً في شويا، وتستمرّ اليوم في أكثر من بلدة وقرية، إلى درجة أنّ أبناء تلك البلدات والقرى يراقبون بانتظام مداخلها، خصوصاً في الليل، وعند «الاشتباه» بسيارة يمكن أن تكون تنقل صواريخ، يُصار إلى توقيفها وتفتيشها، وإذا كانت تحوي على صواريخ، يتمّ منعها من دخول البلدة. هذا الواقع أدّى إلى أكثر من إشكال في أكثر من بلدة ذات أغلبية درزية، وجرت أكثر من محاولة لتطويق ذيول المضاعفات بين الجبل والضاحية، لكن لا تكاد تبرد حتى تشهد حماوة جديدة، إذا ما حصلت محاولة دخول إحدى البلدات.

وما ينطبق على القرى ذات الغالبية الدرزية ينطبق على القرى ذات الغالبية السنيَّة حيث وقع أكثر من إشكال مع أبناء تلك القرى والبلدات، وهناك قرار حازم من قبل أبناء تلك القرى والبلدات، بألا يسمحوا باستخدام بلداتهم «منصَّات» لإطلاق الصواريخ.

تبقى القرى والبلدات ذات الأغلبية المسيحية، ولا سيما رميش وعين إبل والقليعة وديرميماس وكوكبا، أبناء تلك القرى والبلدات، لا يقوون حتى على المناشدة خشيةً من تخوينهم ، حصل ذلك مع أحد رؤساء البلدية في واحدة من تلك القرى، وهو ينتمي حزبياً إلى أحد أحزاب الممانعة، حيث أطلق المناشدة تلو الأخرى لإبعاد كأس إطلاق الصواريخ من بلدته، لكنّ انتماءه إلى أحد أحزاب الممانعة، لم يشفع به وينقذه من حملة التخوين والتهديد على مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى عبر الاتصالات الهاتفية المباشرة.

هناك معضلة في هذا المجال، أبناء الجنوب متروكون لأقدارهم، فمن جهة لا يريدون أن يتجرّعوا كأس «الأمن الذاتي»، ومن جهة ثانية، لا يريدون أن يشعروا كأنهم مضطرون إلى إجراء «فحص دم» في الوطنية، يناشدون الدولة، فما من مجيب، يخشون أن يُهجّروا طوعاً أو قسراً، وكأنه لا يكفيهم أنهم تعرّضوا لأكثر من موجة نزوح وتهجير في الأعوام الفائتة.

النزوح من تلك القرى لم يعد إفرادياً، فهل هناك قرار عن سابق تصوّر وتصميم لتهجيرهم؟ وما نفع دعوتهم إلى التمسّك بأرضهم إذا كانوا سيدفعون ثمن الفعل وردة الفعل؟