فعلاً إنّ لبنان دولة مهمّة جداً بالنسبة للعالم… إذ أنّ هذه الدولة الصغيرة في مساحتها (10452 كيلومتراً) شغلت 41 دولة وشغلت ضمناً 41 مسؤولاً كبيراً في العالم لكي يشاركوا في مؤتمر مخصّص لدعم الأمن في لبنان.
قد يسأل البعض: لماذا هذا الإهتمام بلبنان؟ ونحن نجيب بكل بساطة إنّ شعب لبنان العظيم الذي ينتشر في كل دول العالم حيث وصل عدد كبير من اللبنانيين الى أكبر المراكز السياسية كرؤساء جمهورية وآخرهم ميشال تامر في البرازيل وسواه كثيرون، والمالية مثل كارلوس سليم أغنى رجل في العالم.
والغنى هنا أيضاً في الموقع الجغرافي والنظام الديموقراطي الحر الذي يحظى به اللبنانيون.
وقد استمعنا الى المتحدثين في مؤتمر روما واهتمامهم بلبنان أمثال وزير الخارجية الايطالي انجيلينو الفانو، والأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس، ورئيس الوزراء الايطالي باولو جنتليوني الذي أرسل رسالة قوية داعمة للإستقرار اللبناني الأمني والسياسي والاقتصادي… وأهم ما جاء في كلمته في المقدمة أنّ القارة الاوروبية قد سمّيت «أوروبا» تيمناً باسم الأميرة الفينيقية اوروبا التي تقول الاسطورة إنها جاءت من لبنان وهذه معلومة جميلة يجب أن يفتخر بها كل لبناني…
هذا الإهتمام العالمي بلبنان تلقاه القيادة السياسية ابتداءً من رئيس الجمهورية ورئيس المجلس ورئيس الحكومة الذي توجه الى روما وبصحبته وزراء الداخلية والخارجية والدفاع… ولأوّل مرة في تاريخ لبنان يذهب وفد عسكري وأمني بهذا المستوى الرفيع الى مؤتمر واحد يعقد خارج البلاد تمثل بقائد الجيش العماد جوزف عون ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان ومدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم ومعهم كبار مساعديهم العسكريون والأمنيون…
ومن قراءة متأنية للمقررات المهمة التي صدرت عن مؤتمر روما يتبيّـن أنّ العالم بدأ يستجيب ويساعدنا على قيام الدولة التي لا تقوم إلاّ بمؤسساتها الامنية والعسكرية كعمود فقري تستند إليه السياسة والاقتصاد الخ…
طبعاً، ليس من أحد يعطي من دون مقابل… وبصراحة إنّ العالم يريد الإستقرار في لبنان، وعندما وقعت المشكلة مع إسرائيل حول «البلوك رقم 9» للنفط والغاز في مياهنا الاقتصادية أبقت واشنطن الموفد ساترفيلد أياماً إضافية في لبنان لمعالجة الأزمة، كي لا يقع لبنان في ما وقعت فيه سوريا والعراق واليمن وليبيا…
وكان لبنان صريحاً… قال في المؤتمر، ما يقوله دائماً إنّ مشكلة «حزب الله» وتورّطه في الخارج هي مشكلة إقليمية أكبر من لبنان، ولكن بالنسبة الى إسرائيل فلبنان يدافع عن نفسه وهو حرّر أراضيه بمقاومته، وهذه حقيقة لا يمكن نكرانها، وبالتالي لا مناص من توفير الإمكانات الدفاعية الفاعلة للبنان كي يتمكن من تحقيق الإستقرار على الحدود فينعكس استقراراً أمنياً واقتصادياً وسياسياً في الداخل، وهذا ما يطالب به المجتمع الدولي.
من هنا، يُفهم مؤتمر روما ذو الطابع الأمني، والمؤتمران اللاحقان في نيسان وأوّلهما «سادر 1» في نيسان المقبل ذو الطابع المالي، دعماً للمشاريع العديدة، ذات الطابع الإنمائي التي يحتاجها لبنان وتنعكس تعزيزاً لوضعه الاقتصادي.
عوني الكعكي