يتطلع اللبنانيون اليوم الى العاصمة الايطالية – روما، التي تستضيف أحد أهم المؤتمرات الدولية الثلاثة لدعم المؤسسات العسكرية والامنية اللبنانية في ظل ظروف اقليمية – خارجية بالغة الدقة والتحدي، محفوفة بالعديد من التحديات والمخاطر، خصوصاً على الجبهة الجنوبية مع فلسطين المحتلة، حيث يواصل «الكيان الاسرائيلي» المناورات والتدريبات العسكرية، الجوية والبرية على الحدود الدولية، من فلسطين الى لبنان فالجولان، بمشاركة قوية ولافتة من قوات «المارينز» الاميركية، تحاكي نشوب حرب ضد «إسرائيل»، من لبنان وغزة وسوريا دفعة واحدة، كما وتحاكي جهوزية «إسرائيل» في «الدفاع المشترك» عن حدودها في حال تعرضها لحرب شاملة، بحيث ستستعين بقوات أميركية لمؤازرتها..»، وهي التي انتهكت الاجواء اللبنانية 758 مرة في 4 أشهر على ما جاء في موقع «ميدل إيست آي» البريطاني..
يولي المسؤولون اللبنانيون، أهمية بالغة الدلالة، لمؤتمر روما -2 الذي من المقرر ان يبدأ أعماله، بحضور مباشر للبنان ممثلاً برئيس الحكومة سعد الحريري وقيادات عسكرية وأمنية، مدعماً بورقة «الخطة الخماسية» التي أعدها الجيش وسائر الاجهزة الامنية مجتمعين.. وسيرأس الرئيس الحريري المؤتمر، والى جانبه وزير خارجية ايطاليا انجلينو الفانو، الذي تنظم وزارته هذا المؤتمر بالتعاون مع الاتحاد الاوروبي، والجانب الاميركي، الذي سيمثل (على ما قيل) بنائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى، دايفيد ساترفيلد، الذي زار لبنان مرات عديدة بهدف حل اشكالية النزاع اللبناني – الاسرائيلي حول البلوك رقم 9 والجدار الاسمنتي.. وخرج خالي الوفاض بعدما تمسك بالخيار الاسرائيلي..
قد يكون من السابق لأوانه الحديث عن نتائج عملية ووازنة لهذا المؤتمر، خصوصاً وأن العديد من الدول المشاركة تتحفظ على مقدار المساهمة المفترض ان يقدمها المؤتمر للجيش اللبناني والاجهزة الامنية لاعتبارات لم تعد خافية على أحد، باستثناء فرنسا التي رفعت من سقف استعداداتها، وهي على اطلاع مسبق على «الخطة الخمسية» وترى فيها ما يلائم التزاماتها مع الحكومة اللبنانية..
لقد أنهى لبنان تحضيراته.. وقد كانت هذه المسألة محور متابعة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كما ومحور متابعة الرئيس سعد الحريري على المستويات الدولية والعربية وقد خلصت هذه التحضيرات الى إشاعة أجواء متفائلة، آملة في أن يحقق مؤتمر روما -2 النتائج المرجوة منه، لجهة توفير الدعم المطلوب للقوى المسلحة الشرعية اللبنانية (الجيش وقوى الأمن الداخلي) لكي تتمكن هذه القوى من القيام بواجباتها كاملة، في حفظ الأمن والاستقرار وبسط سلطة الشرعية على كامل الاراضي اللبنانية..»
يعتبر الرئيس عون، كما الرئيس بري والرئيس الحريري ان مشاركة الدول العربية الشقيقة (دول الخليج العربي) والصديقة، كما والهيئات الدولية في هذا المؤتمر دلالة على الثقة التي ما يزال لبنان يتمتع بها، كما دلالة على الرغبة الدولية والعربية في حصر مواجهة التحديات القائمة والمرتقبة بالمؤسسات العسكرية والامنية دون غيرها، تمهيداً لوضع الاستراتيجية الدفاعية موضع التنفيذ بعد اجراء الانتخابات النيابية لمعالجة اشكالية «السلاح غير الشرعي»، الذي هو محور خلاف حاد بين الافرقاء اللبنانيين، خصوصاً وأن هذا السلاح (حصراً «حزب الله») تجاوز حدود «النأي بالنفس» عن الصراعات العربية – العربية.. وحصره في مواجهة العدو الاسرائيلي..
ليس من شك في ان ما سيصدر من قرارات وتوصيات عن مؤتمر روما -2 سيكون بالغ الأهمية والتأثير في اعادة الاعتبار الدولية والعربية للدولة اللبنانية ومؤسساتها العسكرية والامنية، والتي تحتاج الي تعزيز قدراتها كافة وتزويدها بالاسلحة النوعية التي تمكنها من القيام بكامل دورها وواجباتها من خلال «الاستراتيجية الدفاعية» التي أعلن الرئيس عون أنها ستكون موضع التنفيذ بعد اجراء الانتخابات النيابية المقبلة.
في قناعة عديدين من المتابعين الدوليين والاقليميين والمحليين، ان مؤتمر روما -2 لدعم القوى المسلحة اللبنانية والمؤسسات الامنية بالغ الأهمية والدلالة، تماماً كما وسائر المؤتمرات التي ستعقد في الربيع المقبل.. وهو «يشكل فرصة للحكومة اللبنانية للتعبير عن الرغبة في بسط سلطة مؤسسات الدولة الامنية على الاراضي اللبنانية..» وهي مسألة يفترض ان تلقى موافقة ودعماً قويين من المجتمع الدولي..» على ما أكدت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان برنيل داهلر كارديل، التي لم تخف تطلعاتها الى ما ستؤول اليه الانتخابات النيابية المقبلة.. آملة «ان نشهد عهداً جديداً للمجلس النيابي..» وهي مسألة تثير في الداخل اللبناني الكثير من اللغط والقراءات، حيث يرى «حزب الله» ومؤيدون له، ان الولايات المتحدة ودولاً اقليمية و»إسرائيل» يسعون الى «تحويل الانتخابات الى مناسبة للمس بصورة الحزب واضعاف دوره على جميع المستويات في الداخل كما في الخارج».
أياً ما كانت الصعوبات والعقبات، فإن مجرد انعقاد مؤتمر روما -2 فهو يعكس اهتماماً دولياً ملموساً بالغ الدلالة، لاسيما من قبل «الاتحاد الاوروبي».. وما سيحصل عليه لبنان موقوف في النهاية على ما تقرره الدول المشاركة..