استغربت كثيراً البيان الذي صدر عن المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية لجهة ما تناوله من مواقف يبدو فيها الكثير من التناقضات مع مواقف سابقة للرئيس العماد ميشال عون الآتي من المؤسّسة العسكرية، بل من قمتها كقائد لها يفترض أن يكون موقفه ثابتاً، فلا يتراجع عن كلامه.
وفي هذا السياق، تعود بنا الذاكرة الى مقابلة للعماد عون، قبل الرئاسة طبعاً، مع الزميل وليد عبود الذي سأله في برنامج «بموضوعية» عبر شاشة MTV عن رأيه في حصة رئيس الجمهورية الوزارية (آنذاك كان الرئيس السابق العماد ميشال سليمان في الرئاسة)…
أجاب عون: هذه بدعة لا أعترف بها.
اليوم الرئيس عون يتمسّك بحصّة وزارية له ويتحدّث عن أنّ «اتفاق الدوحة» أقرّ هذه الحصّة… وبالتالي فهو لن يتخلّى عنها، وهذه من جملة التناقضات.
وأيضاً لسنا نعرف من أين جاءت بدعة أنّ رئيس الجمهورية يختار نائب رئيس الحكومة.
رحنا نفتش في «الطائف»، وحتى في دستور ما قبل «الطائف»، وحتى في الأعراف التي تواكب تشكيل الحكومات، فلم نعثر على شيء من ذلك.
ويقولون: هذا في «اتفاق الدوحة»! وهذا ليس عليه أي تأكيد.
وكذلك يريدون الثلث المعطّل للرئيس وفريقه، وهذا يذكرنا بالفاخوري الذي يركب اذن الجرّة حيثما وكيفما يشاء.
مرّة ثانية نقول: إنّ الذين نجحوا مع «التيار الوطني الحر» في النيابة لم ينجحوا باسم جبران باسيل، إنما لأنهم مع الرئيس عون…
ولو كانت لجبران القوة الذاتية لما كان رسب في الانتخابات مرّتين قبل هذه الدورة التي فاز فيها بموجب القانون النسبي الذي يتبيّـن لنا، اليوم، أنّ اعتماده كان للمصالح الخاصة وليس في سبيل المصلحة العامة والديموقراطية.
كم يتحسّر اللبناني اليوم، وهو الذي وضع الآمال العريضة وأطيب الأماني على وصول الرئيس عون الى سدّة الرئاسة، وكم كانت الشعارات التي يطرحها تستهوي الناس… وعندما وصل الى الحكم يبدو أنّه ينساها أو يتناساها، وجلّ همّه كان الجلوس على كرسي الرئاسة أمّا التغيير والإصلاح فلم يتحقّق منهما أي شيء سوى كرسي للرئيس وكرسي آخر دائم للنائب جبران باسيل.
ويوم أنشأ الرئيس عون وزارة الدولة لمكافحة الفساد هلّلنا، وهلّل معنا الشعب اللبناني… ولو كانت هذه الوزارة حقيقية وجدّية لبادر وزيرها الى فتح ملف ما يُقال عن الوزير جبران باسيل، فإذا ثبتت براءته استفاد كثيراً في السياسي والشخصي، أمّا إذا لم يكن بريئاً فإنّ الإتهامات لا تبقى شائعات، إنما تصبح حقائق يترتب عليها إجراءات.
عوني الكعكي