Site icon IMLebanon

«ماء الورد» يفضح البطش الإيراني

كم هي الأدوات الفعالة التي يمكن استخدامها على مستوى جماهيري ومخاطبة الرأي العام العالمي لفضح وحشية النظام الإيراني؟ وأنا أتحدث عن السينما كأداة لها عشاقها في العالم، وقد تصل الرسالة الإعلامية والسياسية من خلالها إلى ملايين المشاهدين أكثر مما يكتب من مقالات تعري النظام الإيراني.

أطرح هذه الرؤية بعد مشاهدة فلم أجنبي باللغة الإنكليزية، ينتمي إلى أفلام السيرة الذاتية وهو فلم Rosewater أو (ماء الورد)، الذي يحكي قصة الصحافي الكندي من أصول إيرانية، ويعمل مراسلاً لمجلة النيوزويك الأميركية في مكتبها بلندن، وهو مأخوذ من كتاب الصحافي مازيار بهاري عن تجربة الاعتقال والبطش التي تعرض لها في السجون الإيرانية، بداعي العمالة والجاسوسية للشيطان الأكبر والصهيونية العالمية، إذ كانت إيران ما بعد الثورة تستخدم هذه المفردات.

تبدأ قصة الفلم حين وصول الصحافي بهاري إلى مطار طهران في رحلة لتغطية الانتخابات الإيرانية التي جرت عام 2009، وتعرفه على سائق التاكسي الذي كان على دراية بالوضع السياسي في بلاده، والذي استمر مع بهاري في تنقلاته لتغطية ذلك الحدث، وأخذه إلى الجانب الآخر الفقير من العاصمة طهران، إذ وجد التأييد الشعبي الجارف في تلك الأحياء للمرشح موسوي المنافس لأحمدي نجاد، وكانت النتائج يوم إعلانها تشير إلى فوز ساحق للمرشح موسوي، ولكن التلاعب بالنتائج تم ومن أعلى المستويات، ما دفع الجماهير للخروج إلى الشوارع احتجاجاً على التزييف والتلاعب بالنتائج، أو كما عرف وقتها بالثورة الخضراء، المهم أن الصحافي بهاري سجل بكاميراته الأحداث الأولية للاحتجاجات، التي وصلت إلى محاولة الجماهير الغاضبة اقتحام مبنى الأمن الرئيس، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من المتظاهرين على أيدي رجال الأمن.

هذه الصورة التي نُقلت للخارج لم تعجب السلطات الإيرانية، وتم القبض على بهاري في منزل والدته، ويحكي الفلم قصة هذه العائلة التي دفعت بالشهداء لأجل وطنهم، بدءاً باعتقال واستشهاد والده في زمن حكم الشاه؛ بسبب آيديولوجيته الشيوعية، ومن ثم اعتقال أخته مريم في بداية الثورة الإيرانية ومقتلها في سجنها.

الفلم يقدم صوراً بشعة للتعذيب الذي عايشه الصحافي بهاري في سجنه الانفرادي في معتقل نيفين، وصور العذاب المادي والجسدي الذي تعرض له بتهمة يعرف المحقق الإيراني أنها غير صحيحة وملفقه، والمضحك أنه بعد تعاطي الإعلام الغربي وتصريح وزيرة الخارجية الأميركية في تلك الفترة هيلاري كلنتون عن حال سجن هذا الصحافي تم إطلاق سراحه، ولكن السلطات الإيرانية قامت بمحاولة تجنيده بأن يكون جاسوساً لها في الغرب.

الفلم وبشكل صريح وواضح يفضح النظام الإيراني الذي يدعي النزاهة والعدالة؛ بسبب أن صحافي يحترم مهنيته الإعلامية فضح ذلك النظام، وكان رده قاسياً على عائلة بهاري وخصوصاً زوجته الحامل التي تعيش في لندن، إذ طلبوا من بهاري بعد اتصالهم بها تلفونياً أن يطلب منها أن توقف الحملة التي كانت تديرها لإطلاق سراح زوجها من المعتقلات الإيرانية.