IMLebanon

اتفاق روسي ـ ايراني على «حلب اولاً»… «ضرب تحت الحزام» لارباك حزب الله

ارتفاع منسوب الحذر الامني، واعادة تفعيل الاجراءات الامنية في اكثر من منطقة لبنانية وخصوصا في محيط الضاحية الجنوبية لبيروت، ليسا مرتبطين فقط بمعلومات واعترافات ادلى بها ارهابيون تم توقيفهم في الاونة الاخيرة، وانما في اطار اكثر شمولية يرتبط بعودة الصراع بين القوى الاقليمية والدولية في المنطقة الى «نقطة الصفر». تفعيل استهداف حزب الله معنويا، واقتصاديا، وعسكريا، وامنيا، قرار اتخذ من قبل محور داعمي المجموعات المسلحة في سوريا، في سياق «سباق» مع «الزمن» انطلق بعد تقاطع في المعلومات حول حصول تفاهم ايراني – سوري مع القيادة الروسية على استراتيجية «حلب اولا» بعد تردد روسي سمح للمسلحين بتحقيق تقدم ميداني في الاونة الاخيرة، التحركات التكتيكية العسكرية الواسعة من قبل الجيش السوري وحزب الله والقوات الايرانية في أرياف حلب، واستعجال «جبهة النصرة» وحلفائها  لتحقيق مكاسب على الارض تأتي في إطار استعداد الطرفين لـ «لمواجهة الكبرى»… هذا يفسر ازدياد حدة التوتر على الساحة اللبنانية مع ارتفاع مخاطر تحريك «الخلايا النائمة» مجددا، وعودة تسخين ما تبقى من الجرود التي يسيطر عليها المسلحون على الحدود الشرقية…الهدف واضح «ضرب» سعودي لحزب الله «تحت الحزام» استباقا لما يعتبره السعوديون تجاوزا «للخطوط الحمراء» على الجبهة الحلبية…

اوساط معنية بمتابعة هذا الملف، تؤكد وجود استنفار عالي المستوى ومتابعة دقيقة لكل «شاردة وواردة» في هذه المرحلة، في ظل معطيات جدية على نية مبيتة لردع حزب الله وبعث «رسالة» واضحة الى «معسكر» محور المقاومة والحليف الروسي، بان «كسر التوازن» القائم في حلب سيسقط «المحرمات» في كافة الجبهات، وثمة خشية جدية من عمليات ارهابية استباقية على الساحة اللبنانية في محاولة لتعطيل «اللغم» الحلبي، وهذا الامر لا يقتصر على الداخل اللبناني بل ايضا على الجبهة «الخامدة» في الجرود الشرقية، حيث يجري اعداد «مسرح العمليات» لتصعيد جديد قد تكون «ساعة الصفر» محددة مع بدء معركة «حلب الكبرى»، وذلك في محاولة لتوريط حزب الله بالقتال على جبهتين بهدف اضعاف قدرته على التحشيد على الجبهة السورية، والانكفاء للقتال على الحدود اللبنانية – السورية، وما حصل خلال الساعات القليلة الماضية من عمليات تصفية بين «داعش» و«النصرة»، تضعه تلك الاوساط في اطار تهيئة المناخات الميدانية لاعادة تفعيل هذه الجبهة عبر محاولة «توحيد البندقية والقرار»…

وتتقاطع هذه المعلومات مع معلومات دبلوماسية، تفيد بتوصل موسكو الى قناعة حاسمة بان ما تحقق ميدانيا لا يكفي لإطلاق العملية السياسية في سوريا، واصبحت القيادة الروسية مقتنعة بتزخيم العملية العسكرية تحت شعار «حلب اولا»، واقتنع الروس بعد «الحاح» و«ضغط» من الايرانيين، بضرورة وضع حد لعملية الاستنزاف في حلب وريفها، واقر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو خلال لقائه الاخير مع الرئيس السوري بشار الاسد بان اختبار الهدنة كان فاشلاً، ومهلة قبول الفصائل المسلحة بالابتعاد عن «جبهة النصرة» قد انتهت، كما انتهى الرهان على امكانية تحقيق اي «صفقة» دبلوماسية مع ادارة الرئيس باراك اوباما الذي بات تحت ضغط اكبر من اي يوم مضى، بعد «التسريب» المقصود لوثيقة الدبلوماسيين الـ 51 المعترضين على استراتيجيته في سوريا والداعين لضرب النظام السوري، واذا كان من المستبعد ان ياخذ اوباما بهذه  الاقتراحات، فهو لن يكون قادرا على انجاز اي تسوية مع موسكو تتضمن بقاء الرئيس الاسد في الحكم، وبات محسوما ان «المسألة» السورية تم توريثها الى الادارة الاميركية الجديدة.

وهذا الامر حسم التجاذب داخل المؤسسة الروسية بين العسكر الذين يؤيدون العودة إلى الميدان، فيما كان «رجلا»  الخارجية الروسية  سيرغي لافروف وميخائيل بوغدانوف يراهنان على مواصلة العمل من اجل تسوية، وانتهاز ما يعتقدون أنه فرصة وجود الرئيس الأميركي باراك اوباما في البيت الأبيض، ورغبته بتحقيق انتصار في سوريا على «داعش» وقناعتهم بأنهم لن يحصلوا على تسوية أفضل مع الادارة الاميركية المقبلة سواء كانت ديموقراطية او جمهورية.

الحسابات الروسية المتعلقة بـ «معادلة» النفط وسعيها لعدم كسر «شوكة» السعودية من «البوابة» الحلبية، لم تعد قابلة «للحياة»، مع انكشاف الموقف الاميركي «المعطل» والمتآمر على الروس، يضاف الى ذلك «جردة حساب» طويلة قدمها الايرانيون حول الاستراتيجية السعودية «الهجومية» في المنطقة في ظل اقفال المملكة «الابواب» امام اي محاولات جادة للتسوية، في الكويت المفاوضات اليمنية تراوح مكانها بسبب التعنت السعودي، والميدان عاد الى السخونة، في لبنان تستمر الرياض بالتواطوء مع الاميركيين باتخاذ اجراءات متلاحقة لـ «حشر» حزب الله وارباكه، وجاءت «الضربة» السعودية في البحرين «تحت الحزام» بعد اسقاط الجنسية عن الشيخ عيسى القاسم، وهذا كله يؤيد وجهة النظر الايرانية بضرورة احداث قلب نوعي للميزان العسكري في سوريا وهذا لا يمكن ان يحصل الا من خلال جبهة حلب التي ستفتح الطريق أمام التحرك لاحقا نحو دير الزور، على أن تبقى مهمة تحرير مدينة الرقة مسؤولية جماعية،  معادلة لا «غالب ولا مغلوب»، لم تعد مجدية، معركة حلب باتت ضرورة استراتيجية، والتحضيرات على «قدم وساق» لبدء التنفيذ… وبعد ان جدد الاتحاد الاوروبي العقوبات على موسكو، زاد الكرملين قناعة بأن الغرب، وفي مقدمته واشنطن يريد كسر «شوكة» موسكو…

ووفقا للمعلومات الميدانية فان التنسيق قائم بين القيادة العسكرية الروسية والقيادتين السورية والايرانية اللتين تنسقان مع حزب الله، استعدادا لمعركة «حلب الكبرى» بهدف استرجاع المواقع الاستراتيجية في خان طومان، وبلدة العيس، وتلتها الاستراتيجية، لما لهذه المواقع من اهمية معنوية، وصولا الى تطويق المسلحين في المدينة، كما بات من المسلمات ضرورة الوصول إلى الحدود التركية ـ السورية، بعد ان بات امر إغلاق المعابر وطرق الإمداد مع تركيا اولوية بعد ان ثبت بشكل قاطع ان الهدنة  الروسية المتتالية أفسحت المجال أمام المجموعات «الارهابية» لإعادة تنظيم صفوفها، واعادة بناء معظم البنى التحتية التي دمّرتها «عاصفة السوخوي» التي نجحت في تدمير نحو 60 بالمئة من مخازن الاسلحة التي تم تعويضها بتمويل سعودي -قطري ودعم لوجستي تركي، وطبعا برضى اميركي، وتشير الارقام الى ادخال نحو اربعة آلاف طن من الأسلحة في الاونة الاخيرة بعضها نوعي، وتم استخدامه في معارك بلدة الخلصة الاسبوع الماضي.

الجميع يواصل الحشد لهذه المعركة المفترض ان تنطلق بعد  شهر رمضان «ضرورات لوجستية»، لا شيء يمنع تغيير «ساعة الصفر» اذا ما دعت الحاجة الى ذلك، حزب الله يواصل تحشيد «قوات النخبة»، ثمة «جسر جوي» ايراني يعمل على نقل مجموعة من القوات المقاتلة اكثر تدربا وتسليحا من المجموعات الموجودة على الارض، انزل الروس  ايضا قوات برية ومظلية في ميناء طرطوس، لتقديم الدعم لأكثر من اربعة آلاف متطوع روسي أرسلوا خلال الأسابيع الأخيرة، لمواكبة تقدم الجيش السوري، كما اعاد الروس إلى قاعدة حميميم هيئة الأركان، التي كانت تنسق عمليات الإسناد الجوي في الخريف الماضي، وقد اعطت زيارة وزير الدفاع الروسي «التفقدية» «صفارة» الانطلاق لعمل غرفة العمليات العسكرية في القاعدة الجوية…

اذا لم تدخل على «الخط» «لعبة امم» جديدة تعطل الاتفاق الروسي – الايراني – السوري حول حلب، فان الـ «صيف الساخن» سينتهي بوقائع ميدانية حاسمة ستغير المشهد السوري ومعه الجبهات الساخنة في المنطقة. الساحة اللبنانية ستبقى في المدى المنظور «اسيرة» هذه التطورات، وستبقى الاوضاع تتأرجح بين «هبات» باردة واخرى ساخنة حتى ينقشع «غبار المعركة»…