IMLebanon

روحاني التغيير في إيران

يسود صمت غريب، يصل الى درجة الرفض، حول كل ما يتعلق بالانتخابات التشريعية في إيران. 

الحجة السائدة، في الغرب كما العرب، أن كل ما يجري في إيران تحت «خيمة الديموقراطية»، ليس أكثر من «لعبة» منظّمة بدقة، يتم خلالها تبادل المواقع في السلطة، تحت عناوين المتشددين والإصلاحيين. لذلك لا يهم من ينجح أو يفشل، لأنه لا فرق بين «حنا وحنين». السبب يكمن في المرشد آية الله خامنئي وسلطته المطلقة. الذي يراقب من فوق حيث يتبادل الجميع «الضربات». في النهاية يصدر «فتواه» فلا يخالفها أحد. ما يثبت سلطة المرشد خامنئي ويمنحها القوة التنظيمية «ذراعه» العسكرية من «الحرس الثوري» و»الباسيج». مقابل دعم «القبضة» العسكرية للمرشد، منحه كل الوسائل للامساك والهيمنة الى درجة الاحتكار على بعض أبرز المرافق الاقتصادية. 

من ذلك امتلاك 30 في المئة من قطاع الهندسة عبر مؤسسة «خاتم الأنبياء» التي تتولى بناء منشآت حقل «بارس» الجنوبي، أكبر حقول الغاز في العالم، اضافة الى قطاع الحديد والاسمنت، والغريب أن كل أعمال «الحرس» ما زالت حتى الآن معفاة من الضرائب.

رغم كل هذا العرض الذي يراد منه إثبات عدمية نتائج الانتخابات ومسار التغير، فإن نتائج الانتخابات الأخيرة مهمة جداً. منذ البداية اتفق الجميع على أن «إيران تقف أمام مفترق طرق حسّاس ومصيري». بعيداً عن الدعوات الرسمية، خصوصاً من المرشد الذي أراد «شرعنة» النظام من خلال الإقبال الشعبي الكثيف، فإن الانتخابات جرت تحت شعار «التكليف الشعبي» في مواجهة «التكليف الخامنئي«، ولا شك أن إقبال أجيال الشباب على الاقتراع أحدث مفاجأة ضخمة، لا يستطع أحد مواجهتها، ولا حتى التفكير في التلاعب بها.

في قلب هذا «العجز» أن المرشد خامنئي اليوم ليس كما كان بالأمس. مجرد اعترافه بأن «مجلس الخبراء» الجديد سينتخب خليفته، أدخل إيران في مسار البحث عن البديل والتغيير. المعروف أن هاشمي رفسنجاني ينتظر منذ 25 سنة «فرصة لأخذ ما يستحق من الذي مُنح ما لا يستحق طلباً للانتقال الهادئ، بعد وفاة الامام الخميني». لذلك فإن نتائج الانتخابات التشريعية، ليست مجرد «حجر» رمي على المياه الهادئة «للبحيرة» الإيرانية، فأحدث دوائر محدودة، ليغرق بهدوء في الأعماق. نتائج هذه الانتخابات مهمة جداً، لأنها خطوة كبيرة على طريق التغيير الهادئ. في قلب اللامبالاة الواسعة بنتائج الانتخابات أن الجميع في المنطقة والعالم يريدون وقوع تغيير انقلابي سريع، على طريقة البلاغ الرقم واحد، في حين أن الإيرانيين بجميع توجهاتهم يريدون ويعملون على تغيير هادئ، يأخذ في حساباته ما تعيشه المنطقة في ظل «الربيع العربي»، وأن «سورنة» إيران ممكنة بمجرد اشتعال «عود الثقاب» الذي سيتحول الى «نار» عارمة تساهم بها قوى عديدة لها حساباتها الماضية والحديثة معها. لذلك فإن القراءة الهادئة لنتائج الانتخابات مهمة جداً، ومن ذلك:

[ أن «قائمة الأمل بقيادة «الترويكا» الرؤساء هاشمي رفسنجاني وحسن روحاني ومحمد خاتمي ومعهم حسن الخميني، قد فازت بـ117 مقعداً من أصل 290 نائباً.

في حين أن قائمة «المبدئيين المتشددين« فازت بـ72 مقعداً.

[ ان علي مطهري (ابن آية الله مرتضى مطهري «قرة عين» الامام الخميني الذي اغتيل في مطلع الثورة)، رغم وصفه بالنائب «المشاغب»، لأنه تجرأ على رفض «الصمت» ومعارضة مواقف للمرشد، وصولاً الى مطالبته بمراقبة مؤسسة مالية تابعة له، فإنه لأول مرة نجح ومَن معه من قائمة «صوت الشعب» بـ14 مقعداً.

[ ان المستقلين لهم 82 مقعداً. علماً أن معظمهم يميلون الى الوسط.

يضاف الى كل هؤلاء خمسة مقاعد للأقليات. من مظاهر التغيير أيضاً أن 217 نائباً من المجلس المنتهية ولايته قد سقطوا في الانتخابات، وهم من المحافظين المتشددين.

كما أنه من أصل 80 نائباً طالبوا بوقف المفاوضات النووية سقط منهم 68 نائباً.

وان 39 نائباً من أصل 50 أسقطوا مرشح روحاني لوزارة العلوم فقدوا مقاعدهم.

[ أن عدد «الملا« هو 16 نائباً في المجلس الجديد، في حين أن 18 امرأة (من بينهن ميتو خالقي التي يريد المتشددون اسقاط نيابتها، في حين أن روحاني حسبها من النساء المنتخبات) وأهمية النائبة خالقي انها جاءت الثانية في أصفهان فيما ممثل خامنئي منذ عشر سنوات وأكثر حل الخامس بين الفائزين.

أمام هذه التغيير الواضح، عاد المرشد الى الخطاب السياسي مواجهة الولايات المتحدة الأميركية، خصوصاً بعد حكم المحكمة الأميركية بمصادرة أو وضع اليد على 2,3 ملياري دولار كتعويضات لعائلات المارينز، الذين سقطوا في تفجير مقرهم في بيروت. بدورهم فإن قادة «الحرس» يساندون حملة خامنئي، بالعودة الى «سيرة» اقفال مضيق هرمز وإغراق الأسطول الأميركي ومساندة الشعب الفلسطيني.

الخوف من أن يكون مسار إيران قد أصبح على «السكة الكوبية» يخيف المحافظين المتشددين، ويشكل ذلك «سلاحاً ذا حدين» للمرشد لمواجهة صعود المعتدلين والاصلاحيين.

الرئيس حسن روحاني اختصر رده والوضع بقوله: «إن عالم ما بعد الاتفاق سيكون مختلفاً عما قبله شئنا أو أبينا».