البيان الذي أصدره الرئيس الايراني حسن روحاني وفيه أنه لا يجوز حصر مطالب الشعب بالمسائل الاقتصادية فذلك سيكون تحريفاً للواقع، ملاحظاً «أن مشكلتنا اليوم تكمن في ابتعاد المسؤولين عن جيل الشباب، فطريقة تفكيرنا تختلف عن طريقة تفكيرهم.. المشكلة هي أننا نريد من جيل أحفادنا أن يعيش مثلنا».
وكانت عشرات المدن الايرانية قد شهدت بين 28 كانون الاول الماضي والاسبوع الاول من كانون الثاني الجاري تظاهرات تخللتها أعمال عنف احتجاجاً على غلاء المعيشة وعلى السلطة سقط فيها 21 قتيلاً.
وتحدثت السلطة بمختلف أطيافها عن «مطالب مشروعة» احتجاجاً على الغلاء والبطالة مع التنديد بالعنف.
وأطلق المتظاهرون الغاضبون هتافات مناهضة للسلطة بشكل عام ساوت بين المحافظين وروحاني، الرئيس المعتدل الذي أعيد انتخابه في أيار الماضي بدعم من الاصلاحيين، وقال روحاني إنّ الناس لديهم مطالب إقتصادية وسياسية وثقافية واجتماعية.
وأكد 16 مسؤولاً إصلاحياً في رسالة مفتوحة أنه «على رغم الدور الكبير للمشاكل الاقتصادية في الاحتجاجات، فإنّ حل هذه المشاكل يمر بإصلاحات سياسية… وبمزيد من الحريات المدنية».
ويوم الاثنين الماضي خصّصت الصحف الاصلاحية وصحيفة «إيران» الحكومية الصفحات الأولى لقرار المجلس البلدي في طهران التابع للإصلاحيين بتخصيص مكان عام للتجمعات والإحتجاجات على غرار حديقة «هايد بارك» في لندن.
لكن صحيفة «كيهان» المحافظة المتشددة انتقدت الاصلاحيين المزعومين الذين يريدون تغيير طبيعة المشكلة وقالت: لقد نسوا أنّ الناس تظاهروا ضدهم في البدء!
والعبرة ممّا تقدّم أنّ الشعوب تنشد الحرية وهي مثل الخبز إن لم تكن قبله، والأنظمة التي تقمع حريات الشعوب وتكسر إرادتها لا بدّ لها من أن تستفيق على واقع يكشف لها كم أنّ الشعارات التي ترفعها ستظهر فارغة من أي مضمون عندما تصطدم بإرادة الناس.
والنظام في إيران يبيع الناس في الداخل كلاماً على الإنجازات، ويبيع الشعوب والدول في الخارج شعارات عن القدس والإسلام… وفي الحقيقة إن هو إلاّ وريث للامبراطورية الفارسية لا غير يسعى الى التوسّع على حساب حقوق الآخرين… ولكن قبل ذلك على حساب حق شعبه في الحرية والحياة الكريمة، فليس من باب المصادفة أنْ تغرق أكثرية الشعب الايراني في الفقر والبؤس فيما المليارات تنفق على الخارج… على الأحزاب والتنظيمات والميليشيات التي تستخدمها إيران وتوظفها في مشاريعها المشبوهة.
وفي الوقت الذي كان آية الله خامنئي يتهم الاميركيين والسعوديين وإسرائيل بأنهم وراء التظاهرات والإحتجاجات كان المتظاهرون يمزقون صوره ويحرقونها… علماً أنّ الدول الثلاث يجب أن ترتاح لهذا الإتهام الذي يعني أنها قادرة على تجييش عشرات ألوف الايرانيين وإنزالهم الى الشارع ضد السلطة.
طبعاً هذا الإتهام ليس صحيحاً، الصحيح أنّ الشعب الايراني يريد حريته ويريد حقه في الكرامة… وإلاّ كيف نفهم الهتافات ضدّ «حزب الله» وحركة «حماس»، وهذان التنظيمان اللذان تحجب إيران اللقمة عن شعبها لتغدق عليهما الأموال بالمليارات؟!.