IMLebanon

روحاني انتقل من الدفاع إلى الهجوم !

يبدو أن الصراع بين رئيس الجمهورية الإسلامية الشيخ حسن روحاني والمتشدّدين داخل مؤسساتها العلمائية و”حرسها الثوري” قد احتدم، ولا سيما بعدما بدأ الاستعداد في طهران للعودة إلى المفاوضات النووية مع المجموعة الدولية 5+1. ويبدو أيضاً أن روحاني انتقل في هذا الملف من الدفاع إلى الهجوم، الأمر الذي يعكس ربما اطمئنانه إلى استمرار تأييد الولي الفقيه وجهات قوية لسياسته النووية. علماً أن بعضاً من المتابعين للأوضاع في ايران يعتبر أن وصول المجموعة الدولية وطهران الى شبه تسوية نهائية في المرحلة الماضية يعني أن إنجازها وتوقيعها خلال الأشهر المقبلة صارا امراً محتماً. وهذا أمر يضطر روحاني إلى الهجوم كي لا يفسح في المجال أمام الذين لا يوافقونه على سياسته، كي يتحرّكوا بفعالية ضدّه داخل النظام.

ما هي الإشارات التي تدل على انتقال روحاني من الدفاع إلى الهجوم؟

الإشارة المهمَّة، يجيب متابعون جدّيون لإيران وتحرّكها الخارجي المتنوع في مركز أبحاث عريق، هي إقدام سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران الأميرال علي شمخاني في 28 كانون الأول الماضي على إدانة المنخرطين في توجيه انتقادات غير مُثبتة للسياسات الاقتصادية لروحاني، ودعوته، هو الآتي من صفوف “الحرس الثوري”، إلى عدم إضعاف قوة الحكومة ومبادراتها بالمؤامرات والتلميحات والإيحاءات غير الصحيحة. كما دعا مؤسسات إيران كلها إلى دعم جهود رئيس الجمهورية محذّراً من أن عدم الانتباه الكافي إلى اقتصاد البلاد يمكن أن تكون له مضاعفات عميقة أمنياً واجتماعياً. ويضيف هؤلاء أن مواقف شمخاني لها معانٍ جديدة، نظراً الى انخفاض أسعار النفط الذي يهدّد بإضعاف الاقتصاد الإيراني وبإيذائه أكثر مما أذته العقوبات الأميركية والدولية، والتي حدَّت من قدرة طهران على دخول النظام المالي الدولي. وخلافاً لما يروّجه المتشدّدون من سياسيين ورجال دين ومسؤولين أمنيين فإنّ العقوبات “المؤذية والمُقعِدة” هي التي أوصلت روحاني إلى رئاسة الجمهورية وليس أي شيء آخر، وهي التي شجّعت النظام الإسلامي على الانخراط في مفاوضات مع دول أخرى وفي محادثات مباشرة مع أميركا.

أين الولي الفقيه خامنئي من حركة الرئيس روحاني؟

المؤسسة الدينية أو بالأحرى العلمائية التي يقودها خامنئي تدعم المبادرة الديبلوماسية لروحاني في صورة تامة. ورغم محاولته الحد من أفق أو من مدى المحادثات والمفاوضات المشار اليها أعلاه كان خامنئي حاسماً في حماية روحاني من انتقادات المحافظين الراديكاليين (المتطرفين)، وخصوصاً داخل “الحرس الثوري”، الذين حاولوا استغلال خوف عدد من “آيات الله” من تقويض الانفراج (Detente) مع الولايات المتحدة لأساسات الجمهورية الإسلامية. ولهذا السبب لا يزال تأييد المؤسسة العلمائية للمحادثات النووية (الأميركية) قوياً وصلباً رغم عدم الوصول إلى نتيجة تلغي العقوبات، وتسمح لإيران بالإبقاء على برنامج نووي ذي معنى. أما “الحرس الثوري”، يقول المتابعون أنفسهم، فإن المتطرفين فيه يخشون أن يؤدي اتفاق مع ايران على الملف النووي إلى افقاده نفوذه غير المتكافئ أو غير المبرَّر على المؤسسة السياسية لإيران واقتصادها. لكن “الحرس” هذا ليس كياناً (أو كينونة) واحدة. ذلك أن داخله قسماً مهماً من النخبة العسكرية الإيرانية التي تعترف بأن ليس أمام إيران الا خيار التفاوض لتلافي مزيد من الضرر أو الأذى على الاقتصاد. وهذان الغموض أو الالتباس داخل “الحرس” هو الذي سمح لروحاني والفريق المحافظ والبراغماتي في آن الذي يدعمه، كما لحلفائه الإصلاحيين بالانتقال من الدفاع إلى الهجوم، مضافاً إليه طبعاً دعم المؤسسة العلمائية بقيادة خامنئي.

هل أعطى الرئيس روحاني إشارات مباشرة تدلّ على انتقاله من الدفاع إلى الهجوم؟ نعم، يجيب المتابعون إياهم في مركز الابحاث الأميركي الحالي. فهو أكد أخيراً في موقف إعلامي أنه سيحاول التوصل إلى اتفاق حول الملف النووي لبلاده رغم معارضة بعض الجهات في ايران. وقال إن حكومته (أي سياسته منذ توليه سدة الرئاسة) أخرجت البلاد من الركود وخفّضت التضخم من 40 في المئة الى 17، وساهمت في جعل النمو 4 في المئة رغم العقوبات والمعوقات الكثيرة.

ماذا قال روحاني ايضاً؟