جاء ما تردد عن حادثة سجن رومية، وكأن القصد منها التشيك بدور قوى الامن الداخلي وصولا الى وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي فهم اللعبة على اساس التعرض لصدقية الادارة السياسية في الدولة، مع العلم ان المقصود من كشف اشرطة الحادث، القول ان مسؤولي قوى الامن الداخلي هم من افتعلها في حين ظل هناك تشكيك بتاريخ صورتها مع العلم ان سابقة تنظيف سجن رومية من الذين تكرر اعتداؤهم على العناصر الامنية، قد يكون وراء تسجيل الاشرطة وبثها في هذا الوقت بالذات؟!
يقول احد ضباط قوى الامن الداخلي انه لا يعقل ان يربط الحادث بتاريخ امس، حيث لم يكن تمرد ولا بارقة عصيان للقول ان عمليات الجلد قد تمت انتقاما من البعض، لاسيما ان المقصودين هم من الموقوفين الاسلاميين، وللقول ايضا ان الاقتصاص من السجناء القصد منه التذكير باحوال السجناء المشار اليهم، فيما هناك من يعرف بالتأكيد ان الوزير المشنوق قد وافق على سبعة مطالب قدمها هؤلاء من اصل عشرة، ووعد بالنظر بالمطالب الاخرى في حال كان هدوء في السجن بعيدا عن مظاهر التحدي!
هذا الشيء قد حصل وليس من بوسعه التشكيك فيه، لكن ما لم يحصل هو افتعال تصوير الحادث وكأنه قد حصل في الامس حيث من الضروري انطلاق التحقيق من تواريخ الازمة السابقة في سجن رومية، لاسيما ان بوسع التحقيق كشف ملابسات ما حصل سابقا وما لم يحصل لاحقا، باستثناء القول ان هناك رغبة بتفجير «الوضع الاسلامي» كما حصل في الشمال والبقاع لمجرد القول ان قوى الامن تقف وراء العملية على رغم كل ما صدر عن وزير الداخلية!
من هنا يفهم الحادث وتعميم الصور عن ضرب السجناء انها مجرد عملية مفبركة القصد منها الاحتكام الى الشارع الذي تحرك بحسب المرغوب فيه، طالما ان ما حصل قد استفز الرأي العام السني، لاسيما ان عمليات الضرب والانتقام لم تستهدف اي سجين من طائفة اخرى، لذا يمكن القول ان تعميم ما لم يحدث وكأنه قد حدث بالامس قد ادى النتائج المرجوة منه وصولا الى توتير المناخ العام في البلد من غير حاجة الى ان يكون الوضع على درجة عالية من التوتر (…)
وهكذا يفهم من تعميم الصور والخبر وكأنه بمثابة رد على الاستقرار النسبي الذي ينعم به البلد، وثمة من يهمه افتعال مشكلة بالتوازن مع الحال التي يمر بها مجلس الوزراء من جمود وشلل، مع الاخذ في الاعتبار ان هز الثقة بالحكومة في هذا الوقت بالذات يسجل لغير المصلحة العامة، فيما يبقى سؤال عن ابعاد ما حصل ليقال بعد ذلك، انه يجري الانتقام من بعض المحكومين على اساس خلفية اسلامية سياسية (…)
ان ما قاله الوزير المشنوق جاء معبرا عن مفهوم راق لطريقة التفاهم على ما هو مرجو في حال كان حادث السجن قديما او جديدا، وقد ابلغ ذلك الى من يعنيه الامر صراحة عندما لوح بمقاضاة المخالفين – المعتدين، فيما تجمع مصالح مطلعة على ان مجال كشف الموضوع مع ابعاده هو غاية في حد ذاته، حيث لا بد من القول ان من الضروري وضع الامور في نصابها السياسي والامني في وقت واحد، لان فكرة افتعال الشريط المصور وتعميمه هو عمل مدان بنسبة ادانة ما حصل في وقت سابق (…) هذا في حال عرف ام ما قيل عن حادث امس غير دقيق وغير صحيح؟
والمهم في الموضوع تجنب سلبيات الشارع لعدم افادة بعض من خصصوا لافتعال مشكلة، بحسب اجماع من تحدث بصورة سلبية عما حصل والقول ايضا انه لا يعقل ضرب السجناء مهما كانت الاعتبارات والمقصود هنا ليس تبرئة عناصر قوى الامن الداخلي، بقدر ما يفهم مما تردد ان الهدف اعادة المشكلة الاساسية الى الحال المذهبية القصد منها ضرب الاستقرار بمختلف وسيلة متاحة!
والجديد في ما حصل وقد حصل ان التحقيق في الحادثة جاءت مفاجأة وكأنها مدبرة ومقصودة (…) والهدف من ورائها هز الاستقرا والايحاء ان كل من هو سني مستهدف بالضرب وبأكثر منه، الامر الذي يوحي وكأن اللعبة منظمة الى درجة الايحاء بان «الجريمة مبكلة» بدليل نصف التكذيب الذي رفضها والنصف الاخر الذي اعادها الى الحادثة السابقة!
وفي المقابل، لا بد من التذكير بما فعله سجناء رومية ضد قوى الامن الداخلية وما تخلل انتفاضتهم قبل الان من تعد على قوى الامن من ضباط ورتباء وعناصر، يستحيل السكوت عليها، مهما اختلفت وسائل التصدي للمعتدين، وهذا بدوره يحصل لمصلحة قوى الامن، بعكس القول ان الوزارة قد احالت ضباطا ورتباء وعناصر على القضاء كما جرى تسريح اخرين بالتهمة ذاته (…).