الفرد النوار –
لا سابقة سياسية ترتكز على اجتهاد «تدوير الزوايا» ليس لانها اختراع اكاديمي بل لان اعتمادها قائم على اللاسياسة والفراغ في السلطة، وليس من يعرف من اطلق هذه التسمية على رئيس الحكومة تمام سلام طالما انه لم يتوقف لحظة عن ابتكار الحلول كي لا يصطدم بعوامل التيئيس السياسي التي يمارسها البعض لمجرد انه غير قادر على تقديم حلول للمشاكل العالقة وفي مقدمها الانتخابات الرئاسية بما في ذلك وضع آلية عمل لمجلس الوزراء حيث يدعي كل وزير انه «فرخ» رئيس جمهورية؟!
وازاء ما تقدم هناك من يجزم بان استمرار الوضع على ما هو عليه سيؤدي الى «تطيير» الحكومة وجعل مجلس النواب شكلا لغير مضمون حيث تقاطعه غالبية مسيحية لانه عاجز عن الاجتماع والتشريع وعندها لا بد من القول عن مجلسنا الكريم انه مجرد «دكان سياسي» لا مجال فيه لبحث ما هو مرجو وما هو مطلوب من مشاريع وقوانين لا مجال للاستغناء عنها؟!
يقال ان هناك مسعى لفتح دورة استثنائية لمجلس النواب، فيما يعرف الجميع استحالة تلبية هذا الطلب لانه سيقابل بالرفض من جميع الفئات المسيحية التي تبحث اساسا في ما لا اساس له، اي رئاسة الجمهورية وطالما ان الرئاسة الاولى بعيدة تماما عن قرار البحث فيها، وهذا ينطبق على مزاعم البعض القائلة ان العقدة الرئاسية عالقة تارة في واشنطن وتارة اخرى في طهران وطورا في سوريا المنشغلة بحال داخلية مخيفة (…)
ولان رئيس التيار الوطني العماد المتقاعد ميشال عون قال في مجال تسهيله مهمة الانتخاب بالتوازن مع رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، في حال سحب الزعيم الدرزي وليد جنبلاط مرشحه النائب هنري حلو، ما يعني ان المشكلة قائمة في المختارة وليست في اي مكان اخر، من غير ان يجد احدهم من الداخل ما يشجع جنبلاط على العمل بموجب ما اقترحه الجنرال وقبل به الحكيم. وهذا مدعاة للتساؤل عن جدية كل من يقول ان الامور مرهونة بالملف النووي الايراني، او اذا كان لجنبلاط دالة اميركية – ايرانية تسمح بتفاهم واشنطن وطهران على التباين في الملف النووي؟!
قياسا على ما تقدم فان الذين يغيبون عن مجلس النواب امعانا في تعطيل النصاب هم اقل من ان يوصفوا بانها «نواب الامة»بقدر ما يجب القول اعنها انهم مجرد «زوايا مدورة» لا يفهمون من الوطنية سوى مصالح شخصية بوسع اي «جلبوط» سياسي ان يستوعبها على حقيقتها المرة، كذلك فان الامور تبقى مرهونة بمزاجية سياسيي آخر زمان لم يستوعبوا الى الان مخاطر بقاء سدة الرئاسة الاولى خالية ممن يفترض ان يكون على رأس السلطة؟!
لقد سبق القول مرارا وتكرارا ان هناك من يتقصد اذلال المركز الرئاسي الاول، حيث ثمة عجز عن المعاملة بالمثل في رئاسة مجلس النواب وهكذا بالنسبة الى رئاسة مجلس الوزراء، والا لكان طار عقل الشيعة والسنة، فيما بقي عقل الموارنة من دون عقل، لانهم يقبلون بما لا يقبل به غيرهم، فضلا عن ان لا اصرار مسيحيا من جانب سياسيي اخر زمان لانتخاب رئيس للجمهورية حيث لكل من هؤلاء «مربط خيل المصالح وتلقي التعليمات»؟!
وفي عودة الى ما يقال عن سياسة تدوير الزوايا، فان النواب المسيحيين ضالعون في مثل هكذا لعبة، لانهم يتطلعون الى اكبر من مستواهم، الى حد اعتبار كل واحد منهم ديكا او جماعة ديكة من الصعب التفاهم في ما بينها طالما بقيت الرئاسة الاولى بعيدا من التفاهم، وهذا من ضمن المآخذ الواجبة الوجوب قبل ان تنهار الدولة على من فيها عملا بفكرة علي وعلى اعدائي يا رب؟!
ولان امورنا العامة قائمة على زغل، فان من الواجب القول ان انهيار المؤسسات يشكل بداية حتمية لانهيار الدولة الذي يدخل في حسابات البعض كمقدمة لان يفرض حكمه على مناطق سيطرته، اضافة الى ان الغاية تبرر الوسيلة وما افضلها من وسيلة لسحب بساط الرئاسة الاولى من تحت اقدام المسيحيين، وهذا الشيء غير مستبعد قياسا على تمزق السلطة والمؤسسات اللتين يتسربان من بين اصابع «مدعي الوطنية» ممن سبق لهم ان انصاعوا وراء رغبات اولئك الذين يملونها عليهم على مدار الساعة، من غير مواقع وليس من يدعي انه قادر على ملء الفراغ والادلة على ذلك اكثر من ان تحصى؟!