وزير الداخلية يتجاهل كل سيناريوهات الفوضى والتمديد
مراسيم جوالة للانتخابات النيابية.. إذا ماتت الحكومة!
مرة جديدة، يقطع نهاد المشنوق الشك باليقين، حاسماً اللغط السياسي ـ القانوني حول استعداد وزارة الداخلية لإجراء الانتخابات النيابية، فيؤكد حصولها في موعدها الدستوري أي في الربيع المقبل.
يتجاهل المشنوق كلّ الفوضى الدستورية التي قد تنجم عن هذه الخطوة بسبب عدم انتخاب رئيس للجمهورية. دوره كوزير للداخلية يملي عليه الاستعداد للاستحقاق بمعزل عن الخلاف على جنس ملائكة القانون الانتخابي من جهة وأولويات هذا الفريق أو ذاك من جهة ثانية.
لا خيار أمام الرجل سوى الالتزام بالمهل، مع الشغور الرئاسي واحتمال دخول الحكومة في «كوما» سياسية. نعم سيفعلها المشنوق حتى لو كان متأكداً من أن التمديد قدر محتوم للمجلس النيابي. سيقوم بدوره على أكمل وجه، ولتتحمل السلطة السياسية مسؤولية «ذبح» الاستحقاق مرة جديدة.
هكذا، يعيد تذكير من يحاول «إشراكه بالجريمة» أنه حريص على أن يكون بريئاً من دمائها: المراسيم (تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات، دعوة الهيئات الناخبة، إقرار سلفة خزينة لتنظيم الاستحقاق، وتحديد السلّم المتحرك للإنفاق الانتخابي) ستحضّر في مواعيدها، ولْتُلقَ المسؤولية على عاتق من لا يخشى أخذ التمديد بصدره!
بهذه الروحية، أوصى الوزير «المستقلبي» الطاقم الإداري في الداخلية بالتحضير للاستحقاق النيابي، بمعزل عما سيؤول اليه مصير الحكومة السائرة بقدميها على حافة الهاوية، أو الحوار الذي بات مهددا في ضوء تلويح العونيين بالانسحاب من جلسة الاثنين المقبل.
وفي حال مضيّ وزراء «تكتل التغيير والإصلاح» بقرار «الحرد الحكومي»، ما يعني رجم أي محاولة لاجتماع مجلس الوزراء، يمكن الاستعانة، وفق المعنيين، بالمراسيم الجوالة، على قاعدة أن لا أولوية تتقدم على قرار إجراء الانتخابات النيابية.
عملياً، يفترض بالمراسيم المرتبطة بالاستحقاق النيابي أن تحظى بتواقيع وزيري الداخلية والمال، الى جانب رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية. وفي حالة الشغور الرئاسي، يفترض أن يضمّ كل الوزراء «الرؤساء» تواقيعهم الى المراسيم لتصبح نافذة… اذا ما كانت هناك نيّة بإجراء الانتخابات في موعدها.
اذاً لا مشكلة بالجهوزية القانونية والدستورية ولا حتى الإدارية. وما على وزارة الداخلية إلا إعداد المراسيم وتوزيعها على كل المعنيين بعد أن تصبح الكرة في ملعبهم. لا أحد يدرك كيف سيتصرف كل فريق سياسي تجاه هذه المعضلة.
حجتان أساسيتان قد تختبئ القوى السياسية خلفهما، لجعل التمديد أمرا واقعا: الشغور في الرئاسة الأولى وحجة أنّ «قانون الستين» وضع لمرة واحدة.
يردّ المعنيون أنّ الصيغة التوافقية التي تحكم الحياة السياسية في لبنان هي أقوى من الدستور والقانون، بمعنى أنّه بمجرد حصول تفاهم سياسي، يمكن بالنتيجة تركيب «أذن الجرّة» كما تشتهي الطبقة السياسية، خصوصاً اذا كانت الانتخابات بنداً مدرجاً على جدول الاتفاق الرئاسي، وهذا ما حصل في الدوحة عندما تقرر انتخاب ميشال سليمان رئيسا للجمهورية من دون تعديل الدستور.
أما قانون الانتخابات فيمكن لـ «الستين» أن يبقى نافذاً اذا ما عجز «أولياء الأمر» عن الاتفاق على قانون جديد، خصوصاً أنّ نص القانون 25/2008 لم يأت على ذكر تعبير «لمرة واحدة فقط»، ويمكن له أن يحكم لمرة ثانية الاستحقاق النيابي.
في آذار العام 2013، وقّع الرئيس السابق ميشال سليمان المرسوم الرقم 9968 القاضي بدعوة الهيئات الانتخابية النيابية في جميع الدوائر الانتخابية المحددة بموجب القانون الرقم 25 تاريخ 8/10/2008، إلى انتخاب أعضاء مجلس النواب وذلك يوم الأحد الواقع فيه 9/6/2013، بعد توقيع رئيس الحكومة آنذاك نجيب ميقاتي، وكان ينتظر أن تفتح صناديق الاقتراع على أساسه، قبل أن يتدخّل «سكين» التمديد ويفعل فعله.
هذا الأمر يعني أيضاً أنّ لا مانع قانونياً من إجراء الانتخابات في موعدها. المانع سياسي بامتياز، واذا ما حلّت هذه المعضلة، تصبح بقية التفاصيل بسيطة.
يقرّ أحد المعنيين أنّ سيناريو الفوضى الدستورية المنتظرة، يصنّف في العلم السياسي بـ «غير المجرّب»، بمعنى أنّ الدستور لم يأت على أبواب محددة المعالم لمعالجته، ولا التجارب السابقة وتحديداً بعد الحرب الأهلية، أفرزت صوراً مشابهة له. ولذا فإن التفاهم السياسي صار أكثر من ضروريّ.