IMLebanon

إيران رفسنجاني ـ روحاني غير إيران خامنئي

 

 

الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية في ايران، التي ستُجرى في نهاية نيسان الجاري، لن تشهد مواجهة حادة ولا تصعيداً في المنافسة. لائحة «أوميد» (الأمل) التي تعود الى الجبهة المشكّلة بقيادة الرؤساء: هاشمي رفسنجاني وحسن روحاني ومحمد خاتمي والتي انضم إليها علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى بعد انفصاله عن المحافظين المتشددين، ضمنت الفوز فيها. الفائزون سيشكلون «فائض قوة» للجبهة. التنافس في الدورة الثانية محدود لأنه بين مرشحَين. التقديرات الجدية تؤشر الى ضمان «أوميد» فوز 40 مرشحاً، وأنها ستتنافس على 29 مقعداً.

لائحة «أوميد»، فازت في الدورة الأولى بالأغلبية المطلقة. «الحرس الثوري» والمحافظون المتشددون لم يحصلوا على أكثر من 50 مقعداً في حين كانوا يمسكون بالأغلبية المطلقة. يؤكد مصدر إيراني وطني ملتزم الإصلاح والديموقراطية، أن «زمن الملا- العسكر، قد شارف نهايته». المقصود بذلك أن المعممين الذين مروا على الحوزات ليضعوا العمامة ثم انخرطوا في الأمن والعسكر، قد تراجع موقعهم. هناك وقائع كثيرة على «تعب المجتمع المدني من دورهم ومواقعهم طوال العقود الثلاثة الماضية».

ضمور حصة «الملا الحرس» في مجلس الشورى برز في فوز لائحة «أوميد» في كل المدن التي يزيد عدد سكانها على 200 ألف نسمة. طهران، المثال الصارخ، لائحة «أوميد» فاز منها 30 مرشحاً على 30 «فأنجبت» «أخوات» لها كثيرة. المفاجأة الكبرى كانت في أصفهان، التي تُعرف بمدينة «القرار والرجال». لأصفهان ستة مقاعد. الفائز الأول والكبير هو «فولادكار» وهو إصلاحي معروف. «سالك»، نائب أصفهان منذ 12 سنة وهو ممثل المرشد خامنئي منذ سنوات والحرس، جاء ترتيبه الخامس.

تبقى المفاجأة الكبيرة أن سيدتين فازتا بالموقعين الثالث والرابع، علماً أن السيدة خالقي في سن الـ27 من عمرها. ضحايا حملة الأسيد من فتيات أصفهان، ضخت «القوة» و«الأمل» في لائحة «الأمل».

الى جانب ذلك فإن الرئيس محمد خاتمي أثبت أنه «رجل التكتيك والتواصل البارع«. لقد جرى توجيه 27 مليون رسالة نصية الى الناخبين في كل المدن بأسماء مرشحي لائحة «أوميد»، لأن اللوائح لا توزع مطبوعة في مراكز الاقتراع. وشكلت الفتيات والشباب صلة الوصل مع الناخبين الذين لا يعرفون المرشحين، حيث كانت كلمة «السر» «أوميد».

أما في «مجلس الخبراء»، فقد أثبت رفسنجاني، رغم كل الحرب التي شُنّت ضده، أنه ما زال «الفيل» الذي لا يوازيه ولا يواجهه أي «بيدق« أو «مجنون». لم يحصل رفسنجاني على الأغلبية المطلقة، لكنه جعل المعارضين له و«المحافظين المتشددين« «جنوداً بلا جنرالات»، ومن أبرز هؤلاء مصباح يزدي الطامح لخلافة المرشد والمدعوم منه الى درجة تأسف خامنئي علناً لخسارته.

الى جانب ذلك، فإن كتلة «الحرس الثوري» داخل المجلس لم تحصل الا على 20 «خبيراً« بينما كانت تمسك بالقرار في المجلس السابق. الامتحان الأول الذي سيواجهه خامنئي هو في انتخابات رئاسة المجلس. السؤال الكبير: هل يترشح رفسنجاني أم يتمهل للمعركة الكبرى وهي خلافة خامنئي؟. في طهران يقال علناً إن المسألة أصبحت في يد القضاء والقدر. إذا كان رفسنجاني حياً عند غياب خامنئي فإنه سيكون المرشد أما اذا لم يكن أو متعباً فإن حسن روحاني هو الخليفة وهو المرشد القادم.

رفسنجاني الذي قاد معركة انتخاب خامنئي خليفة للإمام الخميني، قادر بعد كل هذه السنوات على أن يقود معركة انتخاب الخليفة القادم بسهولة أكبر وبراعة أقوى.. ويربحها.

فوز لائحة «الأمل» بالأغلبية المطلقة في مجلس الشورى، يمنح الرئيس روحاني «راحة نفسية وسياسية واقتصادية واسعة». خلال 16 شهراً، وهي الفترة المتبقية لروحاني في رئاسة الجمهورية، يستطيع أن يضمن تعاون المجلس حتى لو كان برئاسة علي لاريجاني، وبالتالي تمرير كل مشاريعه الاقتصادية التي توفر مصداقية الوفاء بوعوده بالنمو الاقتصادي مما سيؤهله للفوز بالرئاسة بدورة ثانية من دون منافسة حقيقية.

الرئيس روحاني، الذي بدأ يشعر بالقوة نتيجة لفوز «الخيار الشعبي»، والمساندة الصلبة له من رفسنجاني وخاتمي، يعمل على ترجمة قوته في تصليب قرارات الدولة على باقي مراكز القرار. لا يدخل روحاني، الذي يثبت يوماً بعد يوم أنه «رجل دولة يعرف بعمق مفاتيح إدارتها»، في مواجهة «كسر عظم» مع المرشد. القرار الأخير الذي أعلن تكليف اللواء 65 من الجيش النظامي بالتدخل المباشر في سوريا، جزء من هذا التحول.

يقول روحاني بهذا لقيادة «الحرس الثوري»، «إن القرارات المتعلقة بأمن إيران وبعلاقاتها الخارجية من اختصاص الدولة». إن زمن إرسال قوات الى سوريا وغيرها من دون العودة الى الدولة وسلطاتها دخل مرحلة انسياب ساعة «الرمل» الى نهايتها.

الجنرال محمد جعفري قائد «الحرس الثوري» الباحث عن موقع بعد تقاعده، اعترف بطريقة غير مباشرة بعمق التحولات السياسية الجارية في البلاد، إذ قال: «ان التيار الجديد المؤيد للغرب يضم عناصر التسلل الأميركي، والأفكار المنافية للثورة الإسلامية لن تدوم…» ما أكده «الخيار الشعبي» أن خياراته التي فوضها الى رفسنجاني روحاني وخاتمي ستدوم وتتطور مع المواجهات…

إيران القادمة بالتأكيد ليست إيران اليوم.

 

.