على الرغم من أنّ دائرة «كسروان جبيل» تضمّ سبعة مقاعد مارونية ومقعداً شيعياً واحداً، علمًا أنّ ناخبيها هم بمُعظمهم من مذهب واحد، فإنّ ولادة اللوائح الإنتخابيّة تبدو صعبة وهي مُرشّحة لأن تستهلك المُهل الدُستوريّة كما هي الحال في أغلبيّة باقي الدوائر في لبنان. فما هي الأسباب، وهل تملك باكورة اللوائح التي تسرّبت إلى الإعلام، أي لائحة الإئتلاف بين العميد شامل روكز ومجموعة من الشخصيّات الكسروانية، المُقوّمات الناجحة للفوز بالمقاعد المارونيّة السبعة، كما حصل في العامين 2005 و2009 عندما كانت اللائحة بقيادة العماد ميشال عون شخصياً؟!
مصدر سياسي كسرواني فنّد «نقاط قُوّة» و«نقاط ضعف» اللائحة المدعومة من «العَونيّين» في كسروان، فقال إنّ العميد شامل روكز لا يقلّ شعبيّة وهيبة عن «الجنرال» في صُفوف «القاعدة الشعبيّة العَونيّة» ولدى الكثير من المُواطنين الآخرين أيضاً. ولفت إلى أنّ العميد المغوار المُتقاعد إستعان بأسماء قويّة في المنطقة أحدها كان في موقع الخصم مثل النائب السابق منصور غانم البون الذي كان حلّ في إنتخابات العام 2009 في طليعة اللائحة المنافسة للائحة العماد عون، ومنها من لم يكن يوماً مُنتسباً إلى «التيّار البرتقالي»، مثل المُهندس نعمة إفرام حفاظًا على التمثيل العائلي الكسرواني ـ إلى جانب عائلة «البون»، ومثل الوزير السابق زياد بارود الذي يجذب أصواتاً من خارج الدائرة «العَونيّة» ومن مُناصري «المُجتمع المدني» بالتحديد. وأضاف المصدر نفسه أنّ روكز إستعان أيضاً برجل الأعمال روجيه عازار الذي يعمل في قطاعات صناعيّة وسياحيّة مُختلفة لما له من إمتدادات وخدمات في صُفوف «العَونيّين» وخارجها أيضاً، وأبقى على المُرشّحين السابقين في جبيل، أي كل من النائبين سيمون أبي رميا، ووليد خوري بسبب شعبيّتهما التي لا تزال مُرتفعة، وترك باب التفاوض على المقعد الشيعي مفتوحاً مع «حزب الله»، باعتبار أنّه جرى ربط مصير مقعد الأقليّة الشيعيّة في دائرة «كسروان جبيل» بمصير مقعد الأقليّة المارونيّة في دائرة «بعلبك الهرمل».
وقال المصدر السياسي، أنّه إذا أخذنا الأرقام التي كان قد سجّلها مُناصرو «التيّار الوطني الحُرّ» في إنتخابات العام 2009، والتي بلغت نحو 31000 صوت في كسروان كمعدّل عام، وأكثر من 28000 صوت في جبيل، وأضفنا إليها ما يمكن أن يحصده البون شخصياً من خارج مُناصري قوى «14 آذار» السابقة بطبيعة الحال، وما يُمكن أن يضيفه كل من بارود وإفرام وعازار والمرشّح الشيعي على اللائحة أيضًا، لأكّدنا فوز اللائحة بكل المقاعد! وأضاف قائلا: «لكنّ الأمور ليست بهذه البساطة»، لأنّ خُصوم اللائحة المدعومة من «الوطني الحُرّ» يلعبون على وتر غياب تمثيل بعض العائلات الكسروانيّة الأساسيّة مثل زوين وخليل وحبيش وغيرها عن اللائحة ويُحاولون ترشيحها على لوائح منافسة، ويلعبون أيضاً على وتر غياب الإنتماء العقائدي الواضح بين أعضاء اللائحة التي هي أقرب إلى اللائحة الإئتلافية منه إلى لائحة موحّدة الرؤية السياسيّة العامة، لضرب طابعها السياسي المؤيّد لخطّ «الجنرال». وتابع المصدر نفسه قائلاً إنّ اللائحة التي يطمح العميد روكز لترؤسها، تُعاني أيضاً من ثغرة غياب المُرشّحين العَونيّين الحزبيّين المُلتزمين، حيث جرى تغييب كل الأسماء التي كانت قد شاركت في الإنتخابات التمهيديّة التي أجراها «التيّار الوطني الحُرّ» على مراحل لتحديد مُرشّحيه المُحتملين في المناطق، بما فيهم إسم المُحامي أنطوان عطالله الذي كان قد فاز بالمركز الأوّل حاصداً 331 صوتًا، ما أثار حفيظة الكثير من «العونيّين» المُلتزمين. وأشار إلى أنّ خُصوم «التيّار» يُشكّكون كذلك الأمرس بقُدرة كل من البون وبارود من تجيير أصوات كبيرة للائحة، باعتبار أنّ النائب السابق البون كان نال 29111 صوتًا في إنتخابات العام 2009 بفضل دعم مُناصري قوى «14 آذار» على الرغم من أنّ البون مشهور بخدماته الشخصيّة الواسعة لأبناء المنطقة، والوزير السابق بارود يحظى باحترام كبير وبدعم من «المُجتمع المدني» لكنّ وُجوده على أي لائحة محسوبة على جهة سياسيّة دون سواها يعني فقدانه لكثير من ناخبيه تلقائياً.
ولفت المصدر السياسي الكسرواني إلى أنّ اللافت أنّ التأخّر في حسم الأسماء النهائيّة للائحة العميد روكز، بسبب تباينات في وجهات النظر مع رئيس «التيّار الوطني الحُرّ» الوزير جبران باسيل، وبفعل العمل على إزالة الإعتراضات الحزبيّة والعائليّة من داخل قاعدة «التيّار» قبل سواه، يُقابله تأخّر في إعلان اللوائح المُقابلة والمنافسة. وعزا السبب إلى أنّ الجميع في إنتظار إعلان اللائحة النهائيّة المدعومة من قبل «التيّار الوطني الحُرّ» للإعلان عن لوائحهم، وذلك على أمل ضمّ أكبر عدد مُمكن من القوى الفاعلة التي ستعترض على تغييبها عن هذه اللائحة الأساسيّة. وشدّد المصدر نفسه على أنّ لوائح دائرة «كسروان جبيل» غير مُرتبطة بالمفاوضات القائمة حاليًا على مُستوى لبنان، بل بعراقيل واعتبارات مناطقيّة، مُتوقّعًا أنّ تتظهّر لائحة النائب السابق فريد هيكل الخازن بعد تظهّر لائحة العميد روكز، في ظلّ إحتمال كبير أنّ تضمّ مرشّح الكتائب في كسروان شاكر سلامة والنائب السابق فارس سعيد جبيل، علماً أنّ الأخير يسعى بدوره إلى ضمّ جان حوّاط إلى اللائحة. وعلى خطّ مُواز تعمل «القوات اللبنانيّة» على تحضير لائحتها على «نار هادئة»، في ظلّ وجود إسمين محسومين سينالا «الصوت التفضيلي» في الدائرة الصُغرى، الأوّل شوقي الدكاش عن كسروان والثاني زياد حواط عن جبيل، مع إستمرار الباب مفتوحًا أمام ضمّ رجل الأعمال مارون الحلو إلى اللائحة ما لم يُقرّر هذا الأخير التقيّد بتعليمات حزب «الوطنيّين الأحرار» الذي يميل إلى التحالف مع حزب «الكتائب» وشخصيّات من قوى «14 آذار».
وخلص المصدر السياسي الكسرواني إلى توقّع فوز لائحة «روكز» بأربعة مقاعد أو خمسة، على أن تتوزّع المقاعد الباقية، أكانت ثلاثة أم أربعة على اللائحتين الأساسيّتين المُنافستين، مع الإشارة إلى أنّ عدد الناخبين في كسروان وفق آخر إحصاء بلغ 92112 ناخباً، وفي جبيل 80595 ناخبًا، بمجموع إجمالي في دائرة «جبل لبنان الأولى» بلغ 172707 ناخبًا، ما يعني أنّه في حال كانت نسبة التصويت بحُدود 67 % – كما كانت في العام 2009، وهي نسبة مرتفعة أصلاً، فإنّ «الحاصل الإنتخابي» للفوز بمقعد لن يقلّ عن 14000 صوت. وهذا ما يعني أنّ باب الخرق مفتوح، والسؤال المطروح: «بكم نائب سينحصر الخرق»؟