لن أتكلم عن النفايات، بل عن الزاء والباء والألف واللام، والتاء المربوطة بحبل اللامبالاة الوقحة التي تصيب منذ عشرات العقود من يسمّون أنفسهم “مسؤولين” وهم مثل “سوكلين” غير مسؤولين في مواسم الزبالة حتى عن أناقتهم الخارجية التي يفوح منها أريج العطور الفرنسية، بينما لبنان تفوح منه رائحة نفايات تدل على اهتراء بلد برجاله ونسائه وأطفاله حاملي الهواتف النقالة، مثل أهلهم الجهلة.
رعب، أين منه الرعب من “داعش”، أصابهم جميعاً لمّا خطر لرئيس الحكومة تهديد وهمي بالاستقالة: تهديد بالفراغ وكأننا لسنا إلا في فراغ يشبه الحال الوجودي قبل أن تتحّول الطاقة الى مادة! وهل مشاهد النفايات إلا صورة واقعية عن فراغ عشش في نفوس الشعب والمسؤولين فتوقفت الحياة، وما عادت مطالب الشعب والجيش والأساتذة تهم لا النواب ولا الوزراء ولا أصحاب المؤسسات، ولا المؤسسات، لا الدينية منها الواقعة في إيمان ثابت لا يهتز ولا غير الدينية، المدنية الواقعة في الكفر.
ولمّا يعترض من يعترض من الشعب على مطلق تقصير أو لامبالاة أو سرقة أو نهب يمارسه أهل السلطة من أصغر بعوضة في بلدية الى أكبر رئيس مؤسساتي نافذ، من دونه يعّم الفراغ المؤدي الى الزوال، سمح الله أو لم يسمح، لمّا يحصل مطلق اعتراض، كن واثقاً ان لا المسؤول سيجيبك ولا غيره، فمن أنت بالله عليكَ، أخبرني؟
ويخيفنا الفراغ، وما يخيف فعلاً كيف انكم لا تستقيلون جميعاً لو كانت لكم ذرة كرامة، وأنتم دواعش تفرفطون زهرة الحياة قبل أن تتلوّن. إستقيلوا، فلا “الطائف” الذي ما أضاف إلا الى جهلكم، ولا غيره خلق وطناً متطوراً، يعرف أبناؤه الحق مدركين لعبة الحياة من بابها الواسع، النظيف.
يا زمان زبالة جاء يختم زمن تفكك الوطن الذي بدأ من سنوات لينتهي بتفتيت حقيقي لكل المؤسسات المهترئة، فالذي يضمن صمودها ضمير يعرف الحق من الباطل، وهذا مفقود في عصر داعشي، غريزي، عصر إنسان زمن الزبالة: المظهر الخارجي لاهتراء داخلي تمدد فوق رفوف وطن نخره السوس على طريق زوال من غير رجوع.