IMLebanon

قواعد الإشتباك

لا صوت في هذه الفترة، يعلو على تورط قيصر روسيا الجديد عسكرياً في الحرب الدائرة منذ قرابة الخمس سنوات بين ديكتاتور إستعبد شعبه ونكّل فيه ودمّر مُدنه وبلداته وقراه، وتراثه، وبين شعب ثائر لكرامته وحريته، والأهداف التي يريد أن يحققها هذا القيصر الجديد من هذا التدخل العسكري وزجّ كل ترسانته الجوية في هذه الحرب وهل يريد الحفاظ على موطئ قدم في هذه الدولة ذات الموقع الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية التي يفوق عدد سكانها الثلاث مائة مليون نسمة وتمتلك خيرات إقتصادية كبيرة ليس أكبرها البترول، ويريد في الوقت نفسه المحافظة على النظام الديكتاتوري الأسدي سنداً له وحليفاً ضد حركة التحرّر لهذا الشعب، أم أن هذا التدخل يأتي من ضمن لعبة الأمم المتفق عليها مسبقاً بين الدول العظمى وعلى وجه التحديد بين القطب الأميركي الأوحد بعد زوال منافسه الاتحاد السوفياتي وبروز الأحلام عند القيصر الجديد بوتين لاستعادة الدور ذاته، بحيث أوكلت إليه مهمة التوصّل إلى تسوية سياسية تُنهي النزاع القائم، وتحافظ على سوريا ووحدتها مع المحافظة في ذات الوقت على النفوذ الروسي في هذه المنطقة ذات الموقع الاستراتيجي كما كان عليه في ظل النظام الأسدي الديكتاتوري؟

قيل حتى الآن الكثير الكثير حول الأهداف الحقيقية للدخول العسكري الروسي، في الكرملين وعلى لسان الرئيس بوتين ووزير خارجيته لافروف ما يستدل منه أن روسيا لا تريد توريط العالم في حرب كونية ثالثة من خلال جرّ الولايات المتحدة الأميركية ومعها الحلف الأطلسي إلى مواجهة، كذلك لا ترغب في مواجهة مع العالمين العربي والإسلامي، وأنها لم تدخل بقوّتها الجوية والبحرية إلا للقضاء على الإرهاب المتمثل بداعش ومشروعها في إقامة دولة الخلافة في البلاد الممتدة من العراق إلى سوريا وباقي الدول العربية وهو ما فعلته الولايات المتحدة الأميركية بإقامة تحالف دولي لمحاربة الإرهاب في تلك المنطقة وأنها أي موسكو تنسق مع أميركا ومع كل دول المنطقة في هذه المعركة من دون أن تُشير بأي شكل إلى أنها تدخلت عسكرياً من أجل المحافظة على بشار الأسد ونظامه والقضاء على ثورة الشعب السوري ضد النظام الديكتاتوري ومن أجل تقرير مصيره بنفسه.

هذا الكلام صرّح به بوتين ووزير خارجيته وكل مسؤولي الكرملين من دون أن تظهر حتى الساعة أية ردود فعل، لا من الولايات المتحدة ولا من غيرها، تسفه هذا الكلام أو على الأقل تعتبره محاولة التفاف من موسكو أو تغطية لأهداف أخرى، بقدر ما جاءت ردودها هادئة إلى حدّ بعيد توحي بأن بوتين لم يأخذ قرار التدخل بمنأى عنها أو خارج لعبة الأمم وبمبادرة منفردة لتغيير قواعد هذه اللعبة وبالتالي تغيير قواعد الإشتباك على الجبهة السورية بما يعني أن هذه الردود الدولية التي ما زالت هادئة حتى الساعة، أن هذا التدخل العسكري الروسي ما زال ممسوكاً دولياً للوصول إلى تسوية تحفظ سوريا ووحدتها وفق وثيقة جنيف لا يكون للأسد ولا لداعش مكان فيها، غير أن كل هذه التحليلات والاستنتاجات تبقى رهناً بما تشهده الأرض السورية في الأسابيع القليلة المقبلة من تطورات.