Site icon IMLebanon

الحُكم على قَتَلة بشير.. يوحِّد جبهة اليمين؟

 

شكّلَ حُكم الإعدام بحقّ حبيب الشرتوني ونبيل العلم لارتكابِهما جريمة اغتيال الرئيس الشهيد بشير الجميّل ورفاقه، بارقة أملٍ في تحقيق العدالة ولو بَعد حين، وأنّ القضاء اللبناني ما زال قادراً على إصدار أحكام «باسمِ الشعب» بعيداً من التسييس والتدخّلات.

في المرحلة الأخيرة، أي بعد 2005، لم يشهد لبنان هجوماً داخلياً مِثل الذي شهده الآن، إذ إنّ الكلام تخطّى حدود العقل والتخاطب والخصومة السياسية وبلغَ درجة التفاخر بمجزرة أودت بحياة رئيس جمهورية مُنتخب وأكثر من 20 شهيداً آخرين.

وبغَضّ النظر عن الموقف السياسي من الرئيس بشير الجميّل، يرى سياسيون مسيحيون، «أنّ الخطورة أنّ هناك فريقاً داخلياً ممثلاً في مجلس النواب يدافع عن القتل والإجرام ويتبنّى الجريمة، ويصفّق لمنطق الاغتيال السياسي. وفي الوقت الذي تنهزم «داعش» وتفقد آخِر مراكزها في الرقة والمدن العراقية التي احتلّتها، يظهر للجميع أنّ هناك فكراً «داعشياً» متأصّلاً، لكنّه يرتدي «بزّة وكرافات»، يُحلل دمَ مَن لا يتّفق معه في الوطن، ويُصدر شهادات في الوطنية، وهو الذي لا يعترف بنهائية هذا الوطن ويَعتبره خطأ تاريخياً، ويتخطّى مشروعه حدود الـ 10452 كلم مربّع».

وأمام هذا المشهد الذي يتبنّى القتلَ والإجرام، هناك بارقة أمل تجلّت بوحدة موقف اللبنانيين عموماً، والأحزاب «اليمينية» خصوصاً، والمقصود بـ»اليمين» ليس إحياء الإصطفافات القديمة بين يمين ويسار، عِلماً أنّ هناك فئةً كبيرة من اليساريين المثقفين والمقاومين تعرّضَت لأفظع أنواع الاغتيال السياسي، بل إنّ هذا الأمر جمعَ أحزاب «القوات اللبنانية» والكتائب اللبنانية و«الوطنيين الأحرار» و«التيار الوطني الحر» في ساحة واحدة، هي ساحة ساسين في الأشرفية.

وبغضّ النظر عن التنافس بين «الكتائب» و«القوات»، إلّا أنّه، حسب قياديين في الحزبَين، فإنّ «القضية اللبنانية» تجمعهما، والاستهداف يوحّدهما أكثر، وما حصَل في عكّار من اعتداء على مراكز الحزبَين أكبرُ دليل الى انّهما مستهدَفان، إضافةً إلى كل فئة تؤمن بالأرزة وتضعها في قلب علمها.

وبما أنّ الاختلاف السابق لا يمكن إخفاؤه، ترى أوساط حزبية، أنّ النائب نديم الجميّل هو القادر على تشكيل صلة الوصل الدائمة بين الكتائب و«القوّات» عندما ينقطع التواصل بينهما وتحلّ لحظات الجنون السياسي، وبالتالي فهو شارَك في قدّاس «شهداء المقاومة اللبنانية» في معراب حين قاطعَته القيادة الكتائبية، وحافَظ على افضلِ العلاقات مع القاعدة «القواتية» بعد التباعدِ الحاصل. من ثمّ ظهر هذا الدور جليّاً عندما صعد الى منصّة ساحة ساسين يوم الجمعة الماضي غاضباً من التسابق «القوّاتي» و»الكتائبي» على الهتافات، داعياً الى توحيد الشعارات «لأنّ بشير يوحّدنا».

وبعد الهجمةِ الشرسة على صفحة أساسية من تاريخ «المقاومة اللبنانية» التي كان بشير قائدها، يراهن حزبا الكتائب و«القوات» ومن يدور في فلكهما على تحقيق العدالة عبر الأُطرِ المؤسساتية، إذ إنّ الانجرارَ إلى أسلوب التحريض لا يجدي نفعاً، خصوصاً أنّ من يروّج للقتل هم أقلّية عابرة لكن يجب معاقبتها، في حين أنّ الشعب يتعطّش إلى عودة سيفِ العدل لأنّ القضاء وحده يحمي اللبنانيين، وإلّا تسود شريعة الغاب.

لا يُنكر أحد من قياديّي الكتائب و«القوّات» أنّ العلاقة بينهما تحتاج الى ترميم، على رغم تأكيد «القوّات» أنّ الأمور قد بردت وليس من مصلحة أحد العودة الى التوتير، في حين أنّ المبادئ التي تجمع الحزبَين كثيرة ونقاط التلاقي أكثر من نقاط الاختلاف.

وبعيداً عن الحسابات السياسية، يبقى السؤال: كيف ستتّجه العلاقة بين «القوات» والكتائب بعد كلّ هذه التطورات؟ وكيف ستكون العلاقة بين الأحزاب المسيحية الرئيسية، خصوصاً بين الكتائب و«القوّات» و«الأحرار» و«التيارالوطني الحرّ»؟

وإذا كان العهد الجديد هو من حرّكَ هذا الملفّ فهل سيحرّك ملفَّ اغتيال الرئيس الشهيد رينه معوّض؟ ومِن جهة ثانية هناك سؤال آخر وهو عن العلاقة بين «التيار الوطني الحرّ» و«الحزب السوري القومي الاجتماعي» إذ خرَج النائب مروان فارس مدافِعاً عن الشرتوني ونبيل العلم اللذين ارتكَبا الجريمة، في حين أنّ رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل شارَك في مهرجان ساحة ساسين الاحتفالي، فهل بات «التيار» محرَجاً في التحالف مع «القومي» إنتخابياً؟ وهل هذه المشاركة أتت تماشياً مع نبضِ الشارع المسيحي؟

وهل هي إعلان غير مباشَر عن فكّ التحالف «القومي» – «العوني» الذي صَمد منذ 2005 وسط التنافسِ على مقاعد نيابية عدّة أبرزُها في الكورة ومرجعيون وبعلبك – الهرمل؟