IMLebanon

شائعات  

 

 

والشائعات أنواع، بعضها يروّج مطلقوه ادعاءاتهم وأكاذيبهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي بات متعذراً الفصل بين الخيط الأبيض والخيط الأسود في ما تعممه يومياً، بملايين «الخبريات» والروايات والأساطير، وبعضه الآخر إعلامي، وهذا لا يمكن منحه براءة الذمة  حول حسن النية… إذ يفترض بداهة بالإعلامي الذي يروج شائعة ما أن يعرف سلفاً مدى صحتها أو مجافاتها الحقيقة.

 

الشائعات  كثيرة. لها أحياناً  فعل القذائف القاتلة، خصوصاً عندما تتناول الناس في حيواتهم الخاصّة. علماً أن الإنسان مفطور على تقبل الإثارة. ولكن الأشد خطورة تلك التي تستهدف بلداً من خلال «إطلاق» قذائف الشائعات على اقتصاده وعملته الوطنية وسائر مقومات صموده!

 

ولقد تابعت، مثل الكثيرين، ما كُتب في صحفنا وما عُمم في مختلف وسائط الإعلام، عمّا جرى تداوله من أمور وقضايا ومسائل وملفّات بين الرئيس سعد الحريري والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وبإستثناء بعض ما كتبته أقلام رصينة، فإنّ المخيّلة ذهبت الى حدّ السرحات المجنّحة في الخيال، بعيداً عن أي لياقة وأي مسؤولية أخلاقية – أدبية – إعلامية.

 

فلقد جنح البعض في شطحاته الى حدّ تصدير ماكرون بالآمر الناهي الذي يعطي دروساً ليس لرئيس الوزراء وحسب بل للبنان كلّه. وذُكرت عبارات أكثر ما تكون بعداً عن  لغة الصحافة وآدابها. فإذا بنا أمام رئيس فرنسا ينذر ويلوّح ويهدّد وربما يتوعّد أيضاً!

 

1 Banner El Shark 728×90

 

ونود أن نسأل أصحاب هذه المخيلات التي تطلع بهكذا «معلومات» (لاحظ كلمة «معلومات»)!): من منكم كان حاضراً لقاء قصر الإليزيه؟ ومن منكم كان هناك يستمع الى الحوار الذي عُقد بين الرئيسين الصديقين، رئيس  جمهورية فرنسا ورئيس وزراء لبنان؟! ومن منكم بادر ماكرون الى الاتصال به وإطلاعه على وقائع الاجتماع. وكذلك من منكم أسرّ إليه سعد الحريري بالوقائع والأرقام والتفاصيل حتى قبل أن يستقل الطائرة عائداً الى بيروت؟!

 

إنّ هذا النوع  من الصحافة عفى عليه الزمن… ومن زمان! وإن البكاء والنحيب على حرية الصحافة والإعلام يجب أن يستندا الى الحقيقة وليس الى الخيال. وأن صحافة «قال مصدر… وذكرت أوساط… وأفاد مقرّبون» هي أيضاً صفحة مطوية!

 

فعلاً إنه لأمر يدعو الى الاستهجان والاستنكار كذلك.

 

وما  يصدر عن الإعلام في الصحافة وسائر منابر الوسائط الإعلامية هو أشدّ خطراً من تغريدة ملغومة (معروفة الأبعاد سلفاً) أو شائعة مغرضة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي آن الأوان ليرتاح رياض سلامة، بعد رئيسي الجمهورية والحكومة من الاضطرار الى نفي الشائعات الجانية بحق لبنان وعملته الوطنية.