IMLebanon

حرب الشائعات لن توقف القطار الرئاسي

أن يغرق لبنان في الشائعات أمام حدث جلل فهو أمر معتاد حتى في مناسبات أقل أهمية، فكم بالحري عندما «تواكب» هكذا حدثاً كبيراً على مستوى إنتخاب رئيس للجمهورية بعد سنتين ونصف السنة من فراغ كان يبدو مستحكماً وكأنه من دون نهاية؟!.

نقول أن الشائعات مألوفة في هذا البلد، وربما في بلدان أخرى كثيرة. إلاّ أنّ الموجة التي شهدناها في الثماني والأربعين الساعة المنصرمة بلغت حداًً كبيراً من الأذى ما يدعونا الى مطالبة السلطات الأمنية المعنية بأن تسعى جاهدة لكشف هؤلاء الفاقدي الحس الوطني وانزال اشد العقوبات بهم قدر إساءتهم الى البلاد والعباد.

نعرف، ونفهم أن يكون ثمة متضررون من التسوية التي تمّ التوصل إليها في خاتمة الفراغ الرئاسي، والمنتظر أن ترسو على إنتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ولكننا لا نفهم هذا الإصرار على الإساءة الى البلد والتهويل بكل ما يسيء الى الإستقرار الوطني والأمن المالي والإقتصادي.

لقد بلغنا، فعلاً، مرحلة من فقدان المسؤولية الوطنية، ناهيك بفقدان المسؤولية الأخلاقية والتلاعب بمشاعر اللبنانيين في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ الوطن الذي يقف على مفترق خطر، بل على شفير الهاوية إذا لم يتم إنهاء الفراغ الرئاسي وقيام وضع طبيعي بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية يليه تشكيل حكومة جديدة، وتليها إنتخابات نيابية يؤمل أن تُجرى على قانون إنتخابي جديد عصري يحترم إرادة اللبنانيين في إختيار ممثليهم في الندوة اللبنانية… حتى إذا حدث ذلك كله إنتظمت الحياة الوطنية عموماً، وعادت المؤسسات الى مدارها الطبيعي في ما اشتاق إليه اللبنانيون بعد طويل تخبّط وفقدان توازن، كي لا نقول وفقدان هوية ايضاً.

الى ذلك نرى انه من المفهوم كذلك أن يكون للأطراف مواقف متعددة من الإستحقاق الرئاسي، ومن المرشحين، ومن ظروف التسوية التي قادها بشجاعة نادرة الرئيس سعد الحريري… ولكن بعض الحجج والذرائع التي استند إليها بعض الذين يحملون السلم في العرض، إنما هي واهية وغير دقيقة. وعلى سبيل المثال موقف الأصدقاء في حزب الكتائب، وقد بنى رئيس الحزب الشيخ سامي الجميّل موقفه (وأيده فيه المكتب السياسي) على نظرية أن الحزب لا يمكن أن يمشي في مرشح من 8 آذار… شاملاً في هذا الموقف المرشحين معاً العماد ميشال عون والوزير سليمان فرنجية. وأمس ناقشنا هذا الموضوع مباشرة مع قيادة بارزة وتاريخية، وفي البيت المركزي في الصيفي، وقلنا بوضوح: نحن نتفهم الموقف ولكن نقطة 8 آذار غير مفهومة. واضفنا نقول: أنتم وافقتم على مبدأ «الأربعة الأقوياء» التي تم تخريجها في بكركي… وبحضوركم! فهل كنتم تجهلون أن سليمان بك في صلب 8 آذار وان العماد عون أهم حليف داخلي لهذا الفريق؟!. أو عساكم نسيتم يومذاك أو تناسيتم هذه الحقيقة البديهية؟!.

ونود أن نوضح أننا لا نربط، ابداً وقطعياً، بين موقف الكتائب والشائعات، إنما هو التوافق الزمني بين تلك الشائعات والموقف الذي أعلنه الشيخ سامي، هو ما إقتضى أن نجمع النقطتين في عجالة واحدة.

نحن نؤمن بالتنافس الديموقراطي. ولعلّنا القلم الأول إن لم يكن الوحيد الذي بادر الى كتابة عجالة في هذه الزاوية رحّبنا فيها بالمعركة التنافسية بين المرشحين الأبرزين عون وفرنجية. إلاّ أن المتضررين الذين يلجأون الى الشائعات إنما يسيئون الى الوطن قبل أن يسيئوا الى مرشح بعينه.

يبقى أن الشائعات لن تقدم أو تؤخر. فيوم بعد غد الإثنين سيكون لنا رئيس جديد يعمل، وأركان عهده على إنهاض لبنان من عثراته… وما أكثرها!