في اليوم الثالث من المرحلة الثانية من استجواب النائب مروان حماده في المحكمة الخاصة بلبنان، بصفته شاهداً في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، انتقل تركيز محامي الدفاع عن مصطفى بدر الدين، احد المتهمين الخمسة الذين رفعهم الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الى مرتبة القديسين، الى محاولة التشويش على داتا الاتصالات التي استند اليها المدعي العام، اذ أراد المحامي انطوان قرقماز، الذي اشتهر سابقاً بتولي قضايا في مجال شركات الاتصالات في لبنان ادت الى تكبيد الخزينة اللبنانية عشرات ملايين الدولارات لمصلحة الشركات، ان يخترق القرار الاتهامي بواسطة فحص حركة الاتصالات العائدة الى رقم حماده القديم في الفترة الفاصلة بين تخليه عن الرقم اثر محاولة اغتياله وانتقال ملكيته الى مالك جديد، للقول إن الرقم المفترض انه متوقف عن العمل تلقى رسائل نصيه واتصالات، مما يلقى ظلال شك على صحة نسب الارقام في الشبكة الخضراء الى مصطفى بدر الدين، بدليل ان رقماً عائداً الى مروان حماده يمكن ان يكون استخدم من دون علمه. ولكن ما غاب عن قرقماز، او ما غيّبه قصداً، ان الرقم العائد الى حماده كان في الفترة التي تحدث عنها قرقماز خاليا من رقم العريف imse، فبدا ان القرائن التي أراد قرقماز اقحامها في المحاكمة لم تقبل تلقائياً وبقيت معلقة.
على مستوى آخر، وعند الانتقال الى البحث في بعض ارشيف حماده من البرقيات الى الرئيس الراحل حافظ الاسد، حاول محامي الدفاع ان يستعيد تمريناً قديماً في الصالونات اللبنانية مفاده ان من عارضوا الوصاية السورية وقاوموها علناً بدءا من عام ٢٠٠٤، كانوا يبجّلون الأسد الأب بدليل نصوص البرقيات الثلاث التي تلاها. هذا الامر الذي سمعه اللبنانيون تكراراً مدى السنوات العشر الاخيرة هدفه التشكيك في الصدقية، ولا سيما عندما سأل حماده: كيف تبجّلون حافظ الاسد الذي اتهمتموه بقتل الشهيد كمال جنبلاط؟ فكأنه أراد ألا يصيب حماده وحده بل أن يصل الى النائب وليد جنبلاط نفسه. فكان جواب حماده انه بعد اغتيال كمال جنبلاط كانت التحديات والمخاطر ومصير البلد بفعل التهديد الاسرائيلي صار على المحك، فتقرر اجراء مصالحة مع حافظ الأسد لتحصين البلد في وجه اسرائيل.
حاول فريق الدفاع عن “القديسين” ان يخترق القرار الاتهامي فلم يفلح. وحاول الاستعانة بأحاديث الصالونات اللبنانية في محكمة دولية، وهم أول العارفين أن الخلاف مع النظام السوري انفجر، كما قال حماده، حين تيقن الحريري وجنبلاط وآخرون ان النظام لا يبغي مساعدة لبنان للنهوض من كبوة الحرب، بل ان المخطط الذي تبلور مع بشار الاسد كان يهدف الى تذويب لبنان وإلحاقه نهائياً بالنظام، فكانت المعارضة، وكان الرد عليها بالاغتيالات، فاشتعلت ثورة الأرز وجرى إخراج الوصاية السورية التي صارت احتلالا موصوفاً. كان الاستجواب المضاد أشبه بالتهافت لتسجيل سبق دعائي للسوق اللبنانية!