IMLebanon

روسيا… وعدٌ بلا عهد

 

لا دخْلَ لنا كلبنانيين بوصف الرئيس بايدن نظيره الروسي بأنه “قاتل”، ولا برد فلاديمير بوتين اللئيم وتأكيده اختلاف “الجينات الروسية كلها” عن تلك التي تصنع الأميركيين.

 

لكن يهمنا القول لمن علّق آمالاً على دور روسي أساسي يأتي للبنانيين بترياق حكومي او يسهل طريق التشكيل: لا تتوقعوا الكثير لئلا تصابوا بإحباط عظيم.

 

لا يُلام أحد على التمسك بأي بصيص بعدما أذلَّت العصابة الحاكمة المواطنين وحوّلتهم رهائن يستجدون أي منقذ خارجي، لكن يصعب التعويل تحديداً على بائعي الكلام الخشبي ومحترفي الأدوار المنافية لحقوق الانسان رغم فرض أنفسهم رقماً صعباً على الساحة الدولية وفي الصراع الاقليمي.

 

لا ضيرَ اطلاقاً في محاولة دفع الروس الى أداء دور ايجابي في لبنان سواء اليوم أو بعد ولادة الحكومة. لديهم علاقات مع مختلف الاطراف، تذهب من الدبلوماسية واللياقات وصولاً الى النفوذ المباشر او بواسطة الحليف الايراني. لكن لا شيء بـ”بلاش” عند الضابط السابق في “كي. جي. بي”، وإن لم يكن كسباً مباشراً فخدمةً لتابع او شريك. وتجربة السوريين المعارضين مع موسكو درسٌ مرير، فهي الخصم الشرير والحَكَم الضروري، صاحبُ البراميل المتفجرة والشرطة التي تفصل بين المتقاتلين.

 

مستهجَنٌ ذاك “التبخير” للروسي “حامي المسيحيين المشرقيين” أو “صديق العرب والمستضعَفين واليسار الاسلامي”. فروسيا بوتين دكتاتورية براغماتية أقرب الى نتانياهو من مهد المسيح أو أي صاحب حق فلسطيني، وقاعدة “حميميم” أهم بالنسبة إليها بكثير من بشار الأسد ووحدة سوريا وحياة ملايين السوريين، ونفط اذربيجان أثمن من أرواح شركائها في الدين أرمن كاراباخ. ويخطئ أيّ لبناني يتوهم الاستفادة من الروس بأكثر من وعد بممارسة نفوذهم على حلفائهم المعرقلين.

 

إعتاد الروس التعاطي بالمفرّق وخارج الدولة مع اللبنانيين منذ زمن الاتحاد السوفياتي والتدريب والتسليح وتخريج “الضباط” الحزبيين السابق بسنوات على حرب الـ75. لذلك لا غرابة في استقبال ورثتِه الشرعيين كلَّ أطياف اللبنانيين من السياسيين العاديين الى سماسرة السلاح وأصحاب السلاح غير الشرعي. وليست حفاوتهم بوفد “حزب الله” النيابي خارجة عن هذا التقليد إلا بكونها تحديداً رسالة “تخريب” على الأميركيين المستمرين في الضغط على كلّ الاوروبيين لوضع الحزب بـ”جناحيه” على “لائحة الارهابيين”. أما باقي الكلام عن ملفات ونقاشات تتناول الوضع السوري فيرجّح انه وهمي، اذ ان موسكو غير عاجزة عن حسمها مع الراعي الايراني الأصيل.

 

ليس لبنان ولا اللبنانيون في موقع من يضع شروطاً على دولة كبرى أو محاورين. وبديهي أن يتحول مَن أفشل مبادرة صادقة وجامعة للرئيس الفرنسي شحاذاً على أبواب مستكبرين يُسرفون بالقوة العارية فيما يبخلون بإعمار قرية واحدة دمروها في الملعب السوري.

 

رغم كل ما حصل منذ زيارة ماكرون عقب تفجير المرفأ الاجرامي، ليس امام اللبنانيين الا العودة الى روح مبادرته وتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين تفتح الباب للتعاون مع صندوق النقد الدولي، وما تمنياتنا إلا أن يضرب بعصاه ولا يكتفي بالتهديد. أما سائر المساعي فقد تملأ الفراغ بغير المفيد، خصوصاً أن سفير روسيا يرغمنا على الابتسام بإعلانه “عدم تدخّل بلاده بالشأن اللبناني الداخلي”، ما يؤكد ان الحج الى موسكو ممتع لكن لا خصوبة فيه.