Site icon IMLebanon

لماذا تسعى روسيا إلى تثبيت دورها في لبنان؟

 

 

لقد مكن التدخل العسكري الروسي في سوريا موسكو من وضع موطئ قدم لها في لبنان وهي التي تهدف إلى ربط دول مثل العراق وايران وسوريا وتركيا ولبنان وليبيا من خلال الاستثمار أكثر فأكثر في مجالي النفط والغاز، وقد أفلحت موسكو في ادخال نفوذها إلى لبنان في هذين المجالين عبر شركتيها نوفاتيك وروس نفت.

 

يرى الكاتب والباحث الروسي الكسندر دوغين في كتابه النظرية السياسية الرابعة بأن روسيا تسعى إلى توسيع نفوذها في الشرق الاوسط بهدف اضعاف الهيمنة الاميركية عليه.

 

لذا يعمل الرئيس بوتين على تطبيق استراتيجية تسمى بأطروحة الأوراسية الجديدة ولبنان هو من ضمن دول تلك الأطروحة.

 

يقول الجغرافي البريطاني هالفورد ماكيندر بأن تلك الأطروحة تعتبر بان لكل قرن جيوبوليتيكيته، ويتركز اهتمام الرئيس بوتين على أوراسيا التي وصفها ماكيندر بانها قلب العالم وهي المنطقة الممتدة من أوروبا وآسيا وحاميتها الأفريقية، ويشكل الشرق الاوسط 56% من مساحة اليابسة ونسبة 85% من سكان العالم وتقبع داخل أوراسيا الجديدة قدرات زراعية وصناعية هائلة وممرات اتصال وتجارة برية وبحرية وجوية، فمن يسيطر عليها وعلى مفاصلها يستطيع الهيمنة على العالم.

 

لقد نقل عن انطوان ماردسوف الباحث في مجلس الشؤون الدولية قوله لموقع المونيتور الأميركي بأن موسكو أظهرت أنها لاعبة قادرة على التفاوض مع جميع الاطراف حيث تزامنت زيارة وفد حزب الله مع زيارة الوفد الاسرائيلي إلى روسيا وهذه ليست مصادفة.

 

وقالت آنا بورشيفيسكا من معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى، أن الرئيس المكلف سعد الحريري يميل إلى رؤية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسيطاً قادراً على ايجاد حل للمأزق الحكومي الذي يعيشه لبنان، وأردفت قائلةً تدعم موسكو الحريري بقوة لتشكيل الحكومة المقبلة لأنها ترى بأن استمرار الأزمة السياسية في لبنان زادت الازمة الاقتصادية في سوريا.

 

تمتلك موسكو حلولاً سياسيةً لتعبيد الطريق أمام الانفراجات في لبنان، فهي لا تزال حليفاً علنياً لايران وتهدف من خلال لبنان إلى فرض شراكتها في التنقيب عن الطاقة في مياهه وإلى تسويق تلك الطاقة وتوزيعها وهي تود الاستمرار في نشاطها داخل الميدان التنقيب وادارة المنشآت النفطية في جنوب لبنان وفي طرابلس شماله.

 

وتجد موسكو نفسها طرفاً مقبولاً على ساحة الصراع السياسي الدائر في الداخل اللبناني من قبل سوريا واسرائيل، وهذا برأيها يخولها لعب دور يستحوذ على ثقة شديدة بها، وهذا ما لا يتوفر لعواصم دولية أخرى.

 

يقول غريغوري ميلاميدوف المحلل السياسي الروسي الشهير في أيار 2021 بان بعض المحللين يجادلون قائلين بان على واشنطن أن لا تحاول التنافس مع الكرملين بينما يجزم آخرون بالقول بان أي تنازل يعتبر أمراً غير مقبول، ويضيف ميلاميدوف بأن روسيا تتطلع إلى جذب أكبر عدد ممكن من الدول من مجال النفوذ الاميركي إلى مجال نفوذها وتحقيق موقع متميز إن لم يكن احتكاراً في سوق الأسلحة الاقليمية، ولبنان هو من ضمن هذه الدول التي تسعى روسيا إلى نقله من فلك أميركا إلى فلكها.

 

من هنا سارعت موسكو إلى ربط لبنان بها من خلال التركيز على علاقتها الجيدة مع حزب الله.

 

وتستند روسيا في سياستها داخل لبنان إلى مبدأ الاقتصاد أولاً ثم السياسة ثانياً لكن قوة الصراع وحدته وجديته سيجعل السياسة والاقتصاد بالنسبة لروسيا في نفس الاهمية.

 

وبالمناسبة فإن الرئيس بوتين يسعى أيضاً إلى تعزيز مصالح الشركات الروسية الكبرى وزيادة أرباحها، وهذا يتطلب بأن يكون لبنان سليماً وقوياً ومعافاىً من الناحيتين المالية و الاقتصادية.

 

ويمكن القول بأن اسرائيل شعرت بخطورة تعاظم النفوذ الروسي في لبنان، وعلى الفور وبتاريخ 28 نيسان 2021 كتب معهد أبحاث الامن القومي الاسرائيلي تقريراً بشأن تطورات العلاقة بين لبنان وروسيا وذكر التقرير الذي أعده دانيال راكوف وأورانا مزراحي بأن روسيا مهتمة بتعميق نفوذها في لبنان، كما تملك القدرة على مساعدة لبنان في حل مشاكل محددة كالاستثمار في الطاقة ومجال اللقاحات.

 

وبحسب التقرير الاسرائيلي فإن لبنان يعتبر مساحة لتعزيز مصالح روسيا خصوصاً مع تداخل تواجدها في سوريا لأن دمشق وبيروت يُعتبران من وجهة نظر موسكو أداتان متشابكتان من الناحيتين الامنية و الاقتصادية، وبالتالي فإن عدم الاستقرار في احداها يؤثر تلقائياً على الاخرى.

 

وتابع التقرير الاسرائيلي قائلاً تملك روسيا مجموعة رائعة من الادوات للتأثير على الوضع في لبنان ويعود ذلك بشكل جزئي إلى تواجد القوات العسكرية الروسية في سوريا والتي كانت تعمل على طول الحدود المشتركة اللبنانية السورية في السنوات الاخيرة، ولروسيا صلة بالمصالح الأمنية للبنان نفسه وهذا المزيج من المصالح سيتيح لها لعب دور سياسي واقتصادي كبير وهام في لبنان في السنوات القادمة.