عادت روسيا الى دائرة الضوء في لبنان بعد أن غابت لفترة من الزمن جرّاء التطورات في المنطقة، فروسيا التي أصبحت لاعباً أساسياً عبر البوابة السورية، تتعاطى مع لبنان على هذا الأساس، فاستقراره يفيدها في سوريا، والفوضى فيه تضرّها.
ليست مصادفة أن تكون الزيارة الخارجية الرسمية الأولى لوزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب إلى موسكو، كما أنها ليست مصادفة أن تقوم روسيا بتزويد لبنان الصوَر الفضائية لمرفأ بيروت قبل الإنفجار وبعده، بعد أن رفضت أغلب دول العالم القيام بهذا الفعل لمساعدة التحقيقات، فهل تُفتح صفحة جديدة بالعلاقات اللبنانية الروسية؟
لا شكّ أن كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حول الرغبة الروسية بلعب دورها في لبنان في ميادين عديدة منها مشاريع البنى التحتية على سبيل المثال لا الحصر، يعكس تأكيداً جديداً من روسيا على الرغبة بالتعاون مع لبنان، خاصة أن ما من دولة أخرى على الإطلاق قدمت صوَر المرفأ، وهذا ما تراه مصادر وزارية مدخلاً لفتح أبواب التعاون بحال كانت هناك رغبة لبنانية واضحة بهذا الخصوص.
قد يكون منطلق الاهتمام الروسي بلبنان هو سوريا، ولكن هذا لا يعني بحسب المصادر، أنه ليس بإمكاننا الاستفادة من هذا الأمر لما فيه مصلحة لبنان، مشيرة الى أن التعويل اليوم هو على متابعة وزير الخارجية بو حبيب لما بدأه في موسكو، خاصة أن بين روسيا ولبنان اتفاقيات عديدة في مجالات مختلفة، لا تحتاج سوى الى الإرادة اللبنانية بالسير بها، ومن هذه الاتفاقيات ما هو عسكري مع وزارة الدفاع الروسية والجيش الروسي، وهو ما لن يُعجب الاميركيين بطبيعة الحال، والتي لا تريد لروسيا أن تكون طرفاً في أي اتفاقية مع الجيش.
تعلم المصادر الوزارية أن السير باتفاقيات مع روسيا دونه عقبات كبيرة، ولكن ما من وقت أفضل من الذي نمر به لكسر الهيمنة الأميركية، فالولايات المتحدة اليوم تمارس ضغطاً على لبنان، فلمَ لا يمارس لبنان ضغطاً معاكساً، معتبرة أن لبنان لم يعد بإمكانه ربط مصيره بمصير دولة واحدة، واليوم أمامه فرصة لتغيير هذا الواقع، مع الجانب الروسي.
قدّمت روسيا مراراً دعمها للبنان، ولا تنتظر سوى مدّ اليد، وهنا دور لبنان الذي يمكنه الاستفادة من الروسي لتحقيق عدة أهداف منها: كسر الهيمنة الاحادية الأميركية، والمساعدة بإعادة تفعيل ملف عودة النازحين السوريين الى سوريا، فهذا الملف لم يعد يحتمل التسويف والانتظار، ولبنان دفع ما يفوق طاقته بأضعاف جرّاء الإنصياع لرغبات أميركا التي تقف عائقاً بوجه إقفال ملف العودة للنازحين السوريين.
قد يقول البعض أن الحكومة الحالية لا تملك القدرة على الحلّ والربط وأنها تمرر مرحلة فقط، وبالتالي هي غير قادرة على التوجه نحو روسيا ولا حتى تفعيل العلاقات المشتركة معها، ولكن بحسب المصادر الوزارية فإن العلاقة مع روسيا جيدة ولا تحتاج سوى الى حُسُن نية، فهل من يجرؤ؟