وكأنه توزيع أدوار يستهدف إفشال المحاولات الخليجية لتحويل اليمن إلى ليبيا أخرى. «أنصار الله» تعمل على تحصين البلاد من الداخل، فيما الحليف الروسي يتولى مهمة تحصينه من الخارج، وخاصة في مجلس الأمن حيث لموسكو حق الفيتو
صنعاء | للمرة الثانية خلال يومين، أوقف الفيتو الروسي مشروعاً دولياً يهدف إلى وضع اليمن تحت البند السابع، «إدانةً لانقلاب الحوثيين». المشروع البريطاني ــ الأردني الذي رُفض مساء أمس، جاء بعد مشروعٍ خليجي أفشله الفيتو الروسي أيضاً، يوم الجمعة الماضي.
ورغم وضوح أن حصناً دولياً، تمثله موسكو، في قضية «أنصار الله»، كما في قضايا أخرى متعلقة بالشرق الأوسط، تبدو دول الخليج ماضيةً في محاولاتها حضّ المجتمع الدولي على إجازة التدخل العسكري في اليمن، انتقاماً من صعود الحوثيين إلى السلطة؛ فبعد أشهر من التهويل على اليمنيين، وتهديدهم بالعزلة الدولية والاقتصادية، رداً على تقدّم «أنصار الله» الميداني والسياسي، بدأت دول الخليج بترجمة مواقفها من الواقع الجديد الذي أرساه الحوثيون في اليمن، حيث تقدمت دول مجلس التعاون الخليجي بطلبٍ إلى الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات وتدابير بحق الحوثيين، تحت الفصل السابع الذي يجيز استخدام القوة.
وفي شأن التعويل على موقف موسكو، قال المتحدث باسم «أنصار الله»، محمد عبد السلام، إن الجماعة تثمّن الموقف الروسي، مؤكدةً أن التواصل مع «الإخوة الروس» مستمرّ. وأوضح عبد السلام، في حديثٍ مساء أمس مع تلفزيون «المسيرة»، أن الجماعة تعوّل على موقف أي دولة تمتلك نظرة مغايرة للنظرة الأميركية تجاه العالم، قائلاًً إن روسيا تفهم جيداً الهيمنة التي تعرّض لها اليمن ومحاولات الاستفراد.
مصدر من «أنصار الله»، يعلّق في حديثٍ إلى «الأخبار» على المشروع الخليجي بالقول إن على دول الجوار أن تستوعب حقيقة واحدة، «لو كانت أميركا التي تزج بهم في مواقف رخيصة وغير محسوبة كهذه، جادة في اتخاذ قرار دولي تحت الفصل السابع، أي التدخل العسكري في اليمن وفرض الوصاية الدولية على بلادنا لفعلت ذلك»، مضيفاً إن الأميركيين «متورطون بقوة في العراق وأفغانستان وفشلوا في تحقيق أي هدف في سوريا، لأن كلفة هذه التدخلات أكبر من أن تتحملها أميركا أو سواها من دول الخليج». وفيما يقول المصدر إن الشعب اليمني غير متضرر من أي إجراء دولي لأنه في الأساس لم يكن مستفيداً من أي حضور دولي في اليمن، يؤكد أن أي تحرك دولي عسكري ضد الشعب اليمني بالتأكيد لن تكون عواقبه محمودة، لأن ذلك يعني الدخول في حرب مع الشعب اليمني.
في هذا الوقت، تعمل «أنصار الله» على مواجهات التهديدات الخليجية، ولا سيما تلك المتعلقة بعقوبات اقتصادية محتملة. إذ تعقد «اللجنة الثورية» اجتماعات مكثفة مع القطاعات الاقتصادية لتثبيت الأسعار وضمان عدم التلاعب بها، أبرزها اجتماع عقدته بقيادة مؤسسة الغاز، أسفر عن اتفاق على تغطية احتياجات السوق بمادة الغاز المنزلي لتلافي آثار ارتفاع الأسعار غير القانوني، خلال اليومين الماضيين.
وبحسب محللين، فإن الرهان الخارجي، الخليجي تحديداً، على تحويل اليمن إلى ليبيا أخرى، يصطدم بالواقع اليمني الذي يشهد خطوات ثورية وتحركاً شعبياً وسياسياً في إطار ما نص عليه «الإعلان الدستوري»، حيث من المقرر أن ينعقد اجتماع «اللجنة الثورية» مع أعضاء البرلمان المنحل للتشاور اليوم، استناداً إلى الفقرة السادسة في «الإعلان» التي تنص على «أحقية الراغبين من أعضاء البرلمان الالتحاق بالمجلس الوطني. وتؤكد مصادر مطلعة في «اللجنة الثورية» وصول عدد أعضاء البرلمان المتقدمين للمجلس الوطني إلى نحو 70 عضواً حتى أول من أمس.
يأتي ذلك في وقتٍ قالت فيه مصادر أمنية مطلعة لـ«الأخبار»، إن هناك تحركات سعودية لاستقطاب مشايخ وأعيان في مأرب والجنوب لمواجهة «أنصار الله» والتحرك ضد «الإعلان الدستوري»، وتحدثت المصادر عن رصد سفر بعض المشائخ الى الرياض خلال الأسبوع الماضي للقاء قيادات في المملكة، حيث تعتقد بأن اللواء علي محسن الأحمر هو من يرتب هذه التحركات.
من جهة أخرى، لا تزال مفاوضات القوى السياسية اليمنية تراوح مكانها في ظل مماطلة بعض أحزاب «اللقاء المشترك» وإصرار حزب «المؤتمر الشعبي العام» على شرعية البرلمان الذي حلّه الإعلان الدستوري وفتح الباب لأعضائه للانضمام الى المجلس الوطني المزمع تشكيله وفق الإعلان. ولا تزال أحزاب «المشترك» تنقسم بين مؤيد للحلول المطروحة والتي تأتي متوافقة مع ما نص عليه «الإعلان الدستوري» وبين مواقف معارضة، أبرزها موقف حزب «الإصلاح» الذي يسعى الى إطالة أمد المفاوضات انتظاراً للضغوط الخارجية سواء من قبل دول الخليج أو مجلس الأمن.
كذلك من المرجح أن تكون مماطلة «المشترك» و»الإصلاح»، للاستفادة من موقف «المؤتمر» الذي يريد العودة إلى البرلمان، بالتزامن مع رغبة خليجية في هذا الأمر. هذه المماطلة تسير على وقع حملات إعلامية وتحريضية ضد «أنصار الله» و»الإعلان الدستوري»، بالإضافة إلى تهويل على الشارع اليمني ومحاولة تخويفه من عقوبات وحصار اقتصادي، مستغلين مسألة إغلاق بعض السفارات إيحاءً منهم بأن اليمن في كارثة.
مجلس الأمن يخلص إلى «دعوات» للحل السياسي
بعد محاولات حثيثة لاستصدار قرار تحت الفصل السابع في مجلس الأمن، أصدر المجلس فجر اليوم قرارا يدعو الحوثيين، إلى التخلي عن السلطة، والإفراج عن الرئيس، عبد ربه منصور هادي، ورئيس الوزراء خالد بحاح، إضافة إلى التفاوض «بحسن نية» حول حل سياسي للخروج من الأزمة.
ومشروع القرار الذي أعدته بريطانيا والأردن، ورفض بصيغة الفصل السابع، أقر بإجماع أعضاء المجلس الـ15، كما استنكر استعمال القوة ضد التظاهرين السلميين.
وعلق مندوب روسيا لدى مجلس الأمن بالقول إن موسكو تدعم القرار بهدف «حل الأزمة سياسيا في اليمن».