يرى ديبلوماسي عربي أن لا حل للأزمات التي تعصف بدول المنطقة ما لم يبدأ بسوريا، ولا حل في سوريا إلا اذا صار اتفاق على مصير الرئيس بشار الأسد.
وفي المعلومات ان روسيا باتت مقتنعة بأن الرئيس الاسد صار جزءا من المشكلة في سوريا ويصعب ان يكون جزءا من الحل، ولكنها مقتنعة في الوقت نفسه ببقائه في السلطة الى ان يتم اتفاق على حكم بديل منه لئلا تسود الفوضى في سوريا كما هي سائدة في العراق وليبيا واليمن اذا ما تم تغيير السلطة قبل الاتفاق على السلطة البديلة القادرة على تثبيت الامن والاستقرار وفرض حكم القانون على الجميع.
لذلك ينصبّ الاهتمام حاليا على توحيد صفوف المعارضة توصلا الى اختيار ممثلين عنها في الحكومة المطلوب تأليفها، وكذلك اختيار الموالين للنظام والمقبولين من المعارضة. وهي مهمة قد تكون شاقة وتتطلب تكاتف جهود أكثر من دولة مؤثرة في الموضوع، ولا سيما ايران التي قيل إنها لم تقتنع بعد بما اقتنعت به روسيا وهو أن يتحدد مصير الرئيس الاسد بعد التوصل الى حل وليس قبل التوصل اليه. وقد يكون موقف ايران هذا ورقة ضغط لتحصل من خلالها على قيام سلطة في سوريا بديلة من السلطة الحالية تطمئن اليها لأنها تخشى اذا ما قامت سلطة في سوريا لا تطمئن اليها أن تخسر دورها في المنطقة وهو ما بذلت من أجله الغالي والنفيس لبلوغه.
ويرى الديبلوماسي العربي ايضاً ان صورة الوضع في المنطقة قد لا تنجلي إلا بعد انتهاء المفاوضات حول الملف النووي الايراني، فاذا صار اتفاق وتم التوقيع فانه تكون للمنطقة صورة، اما اذا لم يتم التوصل الى هذا الاتفاق فتكون للمنطقة عندئذ صورة أخرى.
وبما ان الولايات المتحدة الاميركية يهمها أمن اسرائيل قبل أي شيء آخر، ومن أجل تحقيق ذلك لم تعارض قلب حكم شاه ايران عندما اصبح لديه اسلحة متطورة تهدد أمن اسرائيل، واسقطت حكم صدام حسين بحجة انه يمتلك اسلحة دمار شامل تهدد أمن اسرائيل، وتوصلت الى تدمير السلاح الكيميائي السوري شرطاً لوقف الضربة العسكرية الاميركية لسوريا. وكانت اميركا قد لزَّمت أمن لبنان لسوريا بعد حرب مدمِّرة فيه دامت 15 سنة لأن هذا التلزيم لا يشمل وقف الاقتتال في لبنان فحسب وتنفيذ اتفاق الطائف، إنما اخراج المسلحين الفلسطينيين في لبنان وعلى رأسهم ياسر عرفات الى تونس، وها هي تعمل الآن، ضماناً لأمن اسرائيل، على جعل حدودها مع دول الجوار هادئة وآمنة وذلك بالتخلص من التنظيمات الفلسطينية الجهادية وبوقف مدّها بالسلاح والمال. ولأن ايران هي المصدر الاساسي فلا مانع لدى اميركا ومن أجل مصلحة اسرائيل وأمنها ان تعطي ايران دوراً ونفوذاً في اكثر من دولة في المنطقة في مقابل التخلي عن السلاح النووي المتخلية عنه اصلاً لأن الدين الاسلامي كما يقول القادة في ايران يمنع استخدام مثل هذا السلاح.
لذلك فان البحث جار بين اميركا وايران حول تقاسم الحصص والنفوذ في المنطقة، وكل ما يهم اسرائيل هو التخلص من السلاح النووي الايراني لتبقى هي الاقوى في المنطقة، ولا يهمها عندئذ الى أين يمتد النفوذ الايراني لانه يصبح نفوذاً لا يخيف اسرائيل كونها متفوقة بالسلاح على الجميع… فلا بد إذاً من انتظار الجولة الاخيرة من المفاوضات حول الملف النووي الايراني قبل منتصف السنة الجارية، حتى اذا ما صار اتفاق تكر سبحة الحلول النهائية في العراق وفي اليمن وفي سوريا وفي لبنان، وحتى في فلسطين المحتلة، لان اسرائيل تكون قد حصلت على الامن قبل السلام. وهو ما تريده منذ أن بدأت المفاوضات مع السلطة الفلسطينية. وقد احتفظت بأسلحتها المتطورة بما فيها السلاح النووي من دون سواها في المنطقة لتبقى هي الاقوى، واذذاك لا تعود تمانع في اقامة دولة فلسطينية لكنها غير قابلة للحياة من دون اسرائيل… وهكذا تكون اميركا قد ضحّت بالكثير من اجل امن اسرائيل ومن اجل ان تبقى هي الدولة الاقوى في المنطقة.