Site icon IMLebanon

روسيا و«قضية» إيران..

هامش المناورة بين الموقفَين الأميركي والروسي حيال إيران، لا يبدو واسعاً ولا رحباً ولا قابلاً للرتق: الرئيس الأميركي دونالد ترامب يصف إيران بـ«الدولة الإرهابية رقم واحد» في العالم، في حين أنّ قيادة الكرملين لا توافق على هذا التوصيف فحسب، بل ترى أن إيران «جزء من الحرب الدائرة ضد الإرهاب».

كأنّ لعبة كرة الطاولة، التي وصلت الى ذروتها في الأسبوع الماضي بين الإدارة الأميركية والإيرانيين، انكسرت مؤقتاً لصالح دخول الروس على الخط وإطلاقهم محاولة للعب دور الحكم أو الوسيط بين الطرفين.. وتلك عملية أين منها «خرط القتاد»؟!

.. كلما نطق مسؤول أميركي في هذه الأيام كلمتين كانت إحداهما عن إيران، أو ثالثتهما عنها! وكلما ذهب التركيز الى مواضيع أخرى راهنة في هذا العالم، أعاد أقطاب إدارة ترامب الأضواء باتجاه إيران.. وتسابقوا في تقويم الموقف الأكثر حدّة ضدها. والأكثر صلابة إزاءها. والأكثر عداء لها، بما يعني مباشرة، أنّ هذه الإدارة فلشت كل أوراق إيران دفعة واحدة ووضعتها على الطاولة، وضمن حزمة واحدة لا تتجزأ؛ من اليمن الى سواحل المتوسط. ومن «الاتفاق النووي» الى كل تفصيل آخر، أكان يتعلق بالأداء الاستفزازي إزاء دول الجوار العربي و«تهديد الاستقرار» في كل المنطقة، أو بتجربة صاروخية، سبقتها تجارب مماثلة وكثيرة إبان ولاية باراك أوباما!.

وأغلب الظن أنّ الدخول الروسي على الخط يتم بناء على طلب إيراني وليس أي شيء آخر. و«شرط» قبوله من قبل موسكو على ما يبدو، هو أن تخفض طهران (أكثر!) سقف مواقفها، وأن لا تنخرط في لعبة الرد بالمثل على كل موقف أميركي إزاءها.. أو أن ذلك بدا واضحاً، من خلال امتناع أي مسؤول في طهران عن الرد على كلام ترامب لمحطة «فوكس نيوز» الذي اعتبرها «أم الارهاب» في العالم.. كما في إعطاء أعضاء فريق مصارعة أميركي تأشيرات دخول الى إيران! التي كانت أعلنت مسبقاً أنّها ستردّ بالمثل على حظر دخول رعاياها الى الولايات المتحدة.

الواضح، إلاّ لمن يهوى «الانتظار»، أنّ إدارة ترامب فتحت طريقاً باتجاه واحد في موضوع إيران! وطرحت بسرعة قياسية ما يمكن وصفه بأنه «قضيّتها» الرئيسية في أجندة أعمالها على مدى الفترة المقبلة.. تماماً مثلماً يمكن أن يوصف عهد أوباما لكن بالعكس تماماً: «قضية» الرئيس السابق كانت أيضاً إيران، إنما من باب «اقتناص فرصة» الاتفاق معها وكسبها وليس مواجهتها، قبل وبعد النجاح في إجهاض مشروعها النووي! أما الإدارة، الحالية، فهي «أعلنت» (وباشرت) في وضع كل ملفاتها في خانة، والملف الإيراني وحده في خانة مقابلة!

.. حتى موضوع كوريا الشمالية لا يعتبر ذا أولويّة قصوى عند ترامب وإدارته: قال وزير الدفاع الجنرال ماتيس قولة «السحق» رداً على أي «قصف نووي» يقوم به حفيد كيم إيل سونغ، ولم يعقّب على قوله أحد. لا في واشنطن ولا في سيوول ولا في طوكيو.. ولا في موسكو! ومثل ذلك، مسألة «الجدار مع المكسيك»، أو الخلاف ذو البعد التجاري مع الصين! أو العلاقات مع الأوروبيين ومصير «حلف الناتو».. أو العقوبات ضد روسيا والعلاقات معها أو النزاع العربي – الإسرائيلي!.. الخ. ذلك كلّه، في أدبيّات إدارة ترامب من أصغرها الى أكبرها، في جانب، و«قضيّة» إيران في جانب آخر!

وإذا كانت «قضية» العالم في هذه الأيام، هي الإرهاب، فإن ذلك، عند الأميركيين، صار جزءاً من «قضيتهم» مع إيران، بل جزءاً متمّماً على ما قاله ترامب لـ«فوكس نيوز»، ويقوله مستشاره للأمن القومي الجنرال فلين، ووزير دفاعه الجنرال ماتيس. ونائبه مايكل بنس!

هذه حرب وإن لم تبدأ بعد على الأرض! ومن الصعب بمكان، تصوّر قدرة الروس على وقفها أو التوسّط فيها…يكفيهم التوسط في الموضوع السوري بين المعارضة وبقايا سلطة الرئيس السابق بشار الأسد والركّ على محاولة إنجاح مؤتمر جنيف المقبل!