قبل عدة أيام صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف٬ وبمؤتمر صحافي في الأمم المتحدة٬ بأن بلاده «لا تعتبر الجيش السوري الحر جماعة إرهابية»٬
ومضيًفا: «نعتقد أن الجيش السوري الحر يجب أن يكون جزءا من العملية السياسية مثل بعض الجماعات المسلحة الأخرى على الأرض المكونة من المعارضين الوطنيين السوريين».
وعلى أثر ذلك التصريح كتبنا هنا أن موقف لافروف هذا يعتبر بمثابة غلطة الشاطر٬ ويجب أن يستثمر المجتمع الدولي٬ وقبله العرب المعنيون بوقف جرائم الأسد٬ هذا التصريح٬ وذلك للتحرك الفوري بدعم الجيش الحر٬ وضمان ألا يستعيد بشار الأسد ما افتقده من أراض سورية نتيجة التدخل الروسي العسكري٬ إلا أن الواضح جيدا هو أن الوزير الروسي تنبه لهذه الغلطة٬ أي غلطة الشاطر٬ وخرج قبل أمس بتصريحات تناقض تصريحاته الأولى عن الجيش الحر٬ حيث حاول لافروف استدراك تصريحه الذي اعتبر فيه الجيش الحر ليس بجماعة إرهابية٬ من خلال تشكيكه بوجود الجيش الحر أصلا. وقال لافروف: «إن أحًدا لم يرد علينا٬ ولم يمدنا بأي تفاصيل عن هذا الجيش٬ أو أي وحدات أخرى لما يسمونها المعارضة المعتدلة»!
هذه الورطة الروسية٬ أو الغلطة٬ تؤكد ما ذكرناه سابقا بأن ليس لدى الروس خطة في سوريا٬ كما تظهر أن موسكو استشعرت خطورة تصريح لافروف الأول بعدم اعتبار الجيش الحر تنظيما إرهابيا٬ وأنه يجب أن يكون ضمن العملية السياسية٬ خصوصا أن تصريح لافروف الأول لم يكن نتيجة خطأ بالترجمة٬ ولم يخرج عن سياقه٬ بل كان في مؤتمر صحافي٬ ونقلته أيضا وكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية. ومن هنا فمن الواضح أن الروس في ورطة جراء التصريحات المتناقضة حول الجيش الحر٬ والمفروض أن يستغل العرب٬ والمجتمع الدولي٬ هذه الثغرة جيدا.
من المفروض أن يكون هناك دعم حقيقي للجيش الحر٬ تدريبا٬ وتسليحا٬ وتمويلا٬ وكذلك لا بد من الضغط على الروس بأنه أخيرا وجدنا ما نتفق معكم عليه بسوريا٬ وهو الجيش الحر٬ كما اتفقنا معكم من قبل على بيان «جنيف1». صحيح ألا أحد يقبل بدعم الجماعات الإرهابية بسوريا٬ إلا أن لا أحد يقبل أيضا بدعم الأسد٬ وبعد كل جرائمه بحق السوريين٬ ولذا فمن المصلحة إيجاد أرضية مشتركة بين الحلفاء ضد الأسد و«داعش»٬ وبين الروس٬ فليس المطلوب تأجيج الصراع٬ لكن يجب عدم القبول أيضا بإنقاذ المجرم الأسد.
ولذا فلا بد من السعي لدعم الجيش الحر المعتدل٬ والسعي لفرض مناطق آمنة يحظر الطيران فيها وذلك لمعالجة أزمة اللاجئين٬ وحماية للمدنيين٬ وعزل «داعش» على الأرض٬ وضمان ألا يستعيد الأسد ما فقده من الأراضي التي لن تصان إلا برحيله٬ وبناء على اتفاق «جنيف٬«1 وكل ذلك ممكن حدوثه في حال تم دعم الجيش السوري الحر دعما جديا٬ والآن٬ لأن ذلك هو مفتاح الحل٬ وضمان أن تصغي موسكو للمجتمع الدولي بسوريا.