IMLebanon

روسيا والفخ السوري!

خمسة أسابيع على العدوان الروسي على سوريا، والأرض لا تتغير بل ان ريف حماة يشهد تقدماً لفصائل المعارضة على حساب قوات بشار الأسد التي لم تستطع التقاط فرصة دخول روسيا على خط الصراع الميداني مباشرة لتحقيق تقدم ملموس على الأرض. حتى إن الإيرانيين يعانون في مختلف الجبهات ولا سيما في مناطق حلب مع “جبهة النصرة”. اما ميليشيا “حزب الله” فقد توقفت عند “انجازات” محدودة جدا، لا بل انها بخسائرها الفادحة التي تجاوزت ألفاً وخمسمئة قتيل، وخمسة آلاف جريح بالكاد قادرة على الاحتفاظ بالمواقع التي احتلتها في القلمون وفي محيط العاصمة دمشق.

والواضح ان روسيا التي تقصف بكثافة مختلف المناطق المحررة من سوريا منذ أكثر من شهر غير قادرة على احداث تغيير دراماتيكي على الأرض، ومن هنا فإنها تقف اليوم عند مفترق طرق مهم: اما ان تكتفي بالعدوان بشكله الحالي، وإما ان تتورط اكثر عبر ارسال قوات على الأرض للاشتراك في القتال مباشرة تعويضاً عن ضعف قوات بشار الفاضح، وعجز ميليشيات إيران المتنوعة. فهل تقدم موسكو على الخطوة الكبيرة اي توسيع العدوان ليشمل انزال آلاف الجنود الروس على الأرض، وتعريض الجيش الروسي لتجربة تستعيد مأساة احتلال افغانستان قبل ربع قرن؟

المشكلة ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الساعي الى استعادة مجد غابر من خلال اعادة انتاج سياسة توسعية في الخارج تقوم على استخدام القوة على الأرض، مثلما فعل في جورجيا، وأوكرانيا والآن في سوريا، غير قادر على التعويل على قدرة بشار على الاستمرار طويلاً. فالنظام مهترئ، وما تبقى من الجيش والميليشيات التي أسسها على هامش الجيش وصل الى أدنى مستوياته القتالية منذ انطلاق الثورة في آذار ٢٠١١. هذا الواقع قد يدفع الروس الى التورط اكثر من أجل حجز مقعد متقدم لبشار على طاولة المفاوضات المنتظرة! فلا يكفي أن يحارب الروس والإيرانيون مكان النظام لكي يثبتوا انه قابل للحياة وجزء من مستقبل سوريا. الحقيقة أن سوريا تغيرت وكل جيوش العالم لا يمكنها أن تعيدها الى ما قبل آذار ٢٠١١. اكثر من ذلك نحن نزعم أن بشار انتهى منذ وقت طويل. وانه يستحيل على إيران وروسيا ان تبقياه جزءاً من مستقبل سوريا، وعلى الرغم من تراجع الأوروبيين والأميركيين عن موقفهم الحاسم من بشار وبطانته منذ بدء العدوان الروسي.

بناء على ما تقدم، لا يرجح ان يعقد مؤتمر دولي في فيينا قريباً، فموسكو غير متحمسة له الآن بعد ان لمست حدود قدراتها في الصراع على الأرض في سوريا. وهي مضطرة لان تعمل جاهدة لتغيير المعادلة على الأرض قبل الانتقال الى طاولة المفاوضات، مما “يبشر” بشتاء دموي.

قصارى القول، ان روسيا وصلت اليوم في سوريا الى حافة الوقوع نهائياً في الفخ السوري. والمعيار هو تورطها في الحرب البرية من عدمه.