تنطلق اليوم مجريات الحدث الرياضي الأهم، بطولة كأس العالم لكرة القدم والمقامة هذه المرة في روسيا. وتشهد هذه البطولة مجموعة من الأخبار والمفارقات المثيرة جداً التي ستجعل متابعتها متعة استثنائية.
نجح الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» في أن يجعل من هذه البطولة أحد أهم الأحداث التي يتابعها الجميع حول العالم مهما اختلفت خلفياتهم ولغاتهم وثقافاتهم.
كرة القدم العالمية باتت موحدة الشعوب.. إنها بالفعل قمة القوة الناعمة، وإن كان لا بد من القول إن الفساد «لوث» الفيفا واخترقها ليفسد البهجة والمتعة البريئة، وسيكون التحدي عظيماً للفيفا في كيفية «تطهير» نفسه تماماً من شبهات الفساد التي لا تزال تلاحقه ورائحتها موجودة.
بطولة كأس العالم هذه السنة مليئة بالأحداث الفارقة. فهناك غياب مفاجئ لفرق عظيمة مثل إيطاليا (فريقي المفضل) وهولندا. وطبعاً هناك الترشيحات التقليدية للفوز بالبطولة لفرق مثل البرازيل وألمانيا والأرجنتين، إلا أن هناك توقعات بمفاجآت من قبل فرنسا وإسبانيا والبرتغال وبلجيكا.
الإنجليز يحاولون إقناع العالم بأن منتخب البلاد التي اكتشفت كرة القدم له حظوظ للفوز بالبطولة، إلا أنه ككل مرة سيكون محبطاً للآمال، فهو دوماً ما يثبت أنه فريق دون طموحات.
مفاجأة البطولة هذه المرة هي فريق جمهورية آيسلندا؛ تلك الجمهورية الصغيرة جداً التي يبلغ عدد سكانها 350 ألف نسمة فقط ويدرب منتخبها طبيب أسنان غير متفرغ ويراهن عليه الكثيرون في أن يصنع مفاجأة ما مدوية ضد منتخبات ذات أسماء عظيمة وكبيرة وحضور طاغ. نيجيريا هي الأخرى مرشحة لأن تكون الحصان الأسود في البطولة، فهي تدخل البطولة بترسانة من اللاعبين المحترفين ولديها الفرصة لإحداث مفاجأة من النوع الثقيل.
هناك أيضاً المتابعات «العاطفية» لأهم اللاعبين، فالبرتغالي رونالدو والأرجنتيني ميسي اللذان يعتبران أهم اللاعبين في العالم اليوم يشاركان في منتخبيهما للمرة الأخيرة حسب ما يمكن تقديره عمرياً، وقد تكون هذه الفرصة الأخيرة لهما لإضافة الإنجاز الأهم لهما في مسيرتهما الكروية الناجحة جداً بكل المقاييس، ولكن التي تفقد البطولة الأبرز وهي الفوز بكأس العالم للمرة الأولى. هناك مراقبة ومتابعة خاصة لهما ستكون خلال أحداث البطولة. ونفس الشيء سيكون من نصيب نجم البرازيل الكبير نيمار ونجم مصر محمد صلاح اللذين باتا يعتبران من أهم النجوم حول العالم في هذا العام.
الحضور العربي لافت، فلأول مرة هناك أربعة منتخبات عربية ستشارك في البطولة، والمباراة الافتتاحية ستلعب فيها السعودية أمام الدولة المضيفة روسيا، وهي أول مرة يشارك فيها منتخب عربي في مباراة افتتاحية.
سيتحول العالم إلى أحزاب وطوائف تدافع وتشجع وتؤازر منتخبها المفضل، شهر كامل من الإثارة والدراما واللعبة الجميلة يجتمع فيه العالم على شيء جميل وبريء. إنها المتعة بأجمل صورة.
روسيا البلد المضيف لها غرض خاص؛ هي ترغب في استعراض عضلاتها الاقتصادية وتوجيه رسالة مدوية للعالم أنها استطاعت «فرد عضلاتها» بنجاح وتمكنت من النجاح في استضافة أهم حدث رياضي في العالم رغم العقوبات الاقتصادية الحادة التي فرضت عليها من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب. روسيا لا فرص حقيقية لديها للفوز بالبطولة ولا للتأهل للأدوار التالية، فمنتخبها متواضع جداً، ولكن انتصارها الذي تطمع فيه وتسعى إليه هو انتصار سياسي اقتصادي لبوتين وإدارته.
البطولة تنطلق اليوم وفرص الفوز بها مفتوحة لأكثر من فريق، ولكن هناك فرقاً هائلاً بين مدارس كروية بنيت على التخطيط والاستقرار المدروس وبين من ينتظر زلات الآخرين ويهمه التمثيل المشرف.
فلنستمتع بشهر من الإثارة والمتعة العظيمة التي لا تتكرر إلا مرة كل أربع سنوات.