IMLebanon

سوريا نحو ميدان مباشر لمواجهة إقليمية ؟ روسيا فخّخت مؤتمر لندن بعد جنيف

لم تطح المعركة العسكرية التي بدأت روسيا رعايتها ضد المعارضة في منطقة حلب وريفها الاسبوع الماضي بمفاوضات جنيف فحسب بل فخخت مؤتمر لندن ايضا لمساعدة اللاجئين السوريين . اذ بدا هذا المؤتمرالذي قام على مبدأ تقديم الدول الغربية اموالا للاجئين السوريين تقارب 11 مليار دولار وتمويل بقائهم في دول الجوار وعدم نزوح هؤلاء الى اوروبا على تناقض فاضح مع ما كان يجري على الارض من قصف روسي داعم لقوات النظام وداعميه الايرانيين للتقدم نحو حصار حلب وريفها راميا بأكثر من 70 الف لاجئ جديدعلى الحدود مع تركيا . وفي حين تسجّل روسيا انتصارات عسكرية عبر دحض اهداف الغرب في سوريا فهي تدفع بالغرب الى دفع الاثمان وتمويل ما تتركه “الانتصارات” الروسية المعاكسة لطموحاته او ارادته في صورة تعكس مدى العجز الغربي بقيادة الولايات المتحدة وغياب اي مبادرة في ظل الاندفاع الروسي في سوريا. لا بل نزفت الادارة الاميركية في الايام الاخيرة آخر مؤشر على صدقيتها ازاء دعم المعارضة باعلان وزير الخارجية جون كيري ان اتصالاته مع روسيا اظهرت استعدادا لتطبيق وقف النار في سوريا وكذلك الامر بالنسبة الى ابلاغه من طهران الامر نفسه على نحو يظهر الامر على سذاجة كبيرة من جانب الولايات المتحدة فيما الحصار يشتد على حلب، وهذا غير مرجح اطلاقا في حال كان كيري يصدق روسيا في تعاملها مع الوضع السوري ، او على تواطؤ او اتفاق ما ان لم يكن على صمت وتسليم لروسيا بان تتولى ترتيب الوضع في سوريا. اذ بالنسبة الى المراقبين فان تمسك الولايات المتحدة بالقرار 2254 من اجل حض روسيا على التزام مضامينه ودفعها الى وقف النار هو موقف يعتمده الطرف الضعيف حين يتمسك باتفاق توصل اليه في حين يخرقه الطرف الاقوى في حين يفترض ان واشنطن يجب الا تكون في هذا الموقع. اذ ان كيري بدا وكأنه ينقل ضمانات من روسيا وطهران في الوقت الذي تمنعت الدولتان عن اعلانهما او التزامهما علنا. ومن الصعب جدا خصوصا بالنسبة الى منطقة يؤمن الكثير من ابنائها بنظرية المؤامرة الاقتناع بان الولايات المتحدة خدعت فقط بالالتزامات الروسية او لم تكن تعي الاهداف الروسية في سوريا او ان ادارة الرئيس باراك اوباما لم تعد معنية بالمنطقة.

اذ في المقابل وفيما تجمع اكثر من 70 الف سوري على معبر باب السلامة مع تركيا في نهاية الاسبوع هربا من القصف الروسي الذي كان يمهد لقوات النظام وداعميه من الايرانيين و” حزب الله” لمحاصرة حلب من اجل القضاء على المعارضة فيها، عمدت كل من روسيا وطهران الى توجيه انذارات واضحة الى المملكة السعودية التي تحدثت عن امكان ارسال قوات برية الى سوريا ما شجع وزير خارجية النظام وليد المعلم على شرب حليب السباع والاطلالة اعلاميا لتبني التحذير الايراني ومحاولة اسباغ شرعية عليه واظهار استعادة النظام قوته بالتهديد بان اي عناصر قوة اجنبية تدخل الى سوريا ستعاد الى بلادها بالصناديق الخشبية. تقول مصادر ديبلوماسية ان التدخل الروسي عمد منذ بدئه في اواخر ايلول الماضي الى تغيير قواعد اللعبة في سوريا ، لكن المسألة اخطر من ان تنحصر بسوريا في الصورة التي بدت في نهاية الاسبوع الماضي مع تمدد التهديدات في اتجاه حلفاء اساسيين للولايات المتحدة في المنطقة. اذ برزت استعدادات خليجية علنية لارسال قوات برية الى سوريا يقول بعض المراقبين انها قد تكون رفعا للعتب واللوم لترك روسيا وايران تقضيان على المعارضة السورية نظرا الى عدم قدرة فعلية لدى هذه الدول في خوض حروب عدة الى جانب اليمن. فيما يخشى مراقبون آخرون الا تنحصر هذه الاستعدادات في واقع التهديد الكلامي فقط بل ان يكون هذا التهديد جديا وفي وجه الولايات المتحدة بالذات على نحو ينذر بتحول الميدان السوري ساحة حرب اقليمية مباشرة بعدما اقتصرت في جزء كبير منها حتى الآن على حرب بالواسطة الى جانب الحرب الاهلية ضد النظام السوري وذلك في حال لم يتم وقف التقدم الروسي. وبالنسبة الى هؤلاء المراقبين فان حرب اليمن بالذات وبغض النظر عن نتائجها حتى الآن تظهر ان حسابات دول المنطقة تختلف عن حسابات الولايات المتحدة خصوصا متى اتصلت المسألة بمصالح حيوية لهذه الدول. ولذلك بدت التطورات الاخيرة على مستوى عال من الخطورة على عتبة تحولات مهمة جدا.