Site icon IMLebanon

روسيا غيّرت نوعية تدخّلها خشية انهيار نظام الأسد

غيّرت روسيا مؤخراً نوعية تدخلها في الحرب الدائرة على الاراضي السورية، عبر زيادة الانخراط في الدعم العسكري نوعاً، بما يؤشر بوضوح الى خشيتها المتزايدة من قرب انهيار نظام بشار الأسد. فانهيار هذا النظام يهدد مصالحها في المنطقة، خصوصاً وان سوريا تستضيف أكبر قاعدة عسكرية بحرية لها خارج أراضيها، إضافة الى خسارة ثمار كل الجهود التي استثمرتها فيها على مدى عقود.

وقد تزايد في الأسابيع الأخيرة الكلام عن تفاقم تورط موسكو العسكري، إن عبر توسيع وتحديث مطار جبلة بمحافظة اللاذقية، أو عبر ما يؤمنه الجسر الجوي من مقاتلات ودبابات حديثة، وصولاً الى معلومات تتسرب عن عزمها بناء أكثر من ألف مسكن من البيوت الجاهزة. ولم تكذب موسكو تقديمها المزيد، وإن شددت على أن هدفه يقتصر على مساعدة بشار الأسد للقضاء على الإرهاب، لكن ذلك لا يغطي حجم التغيير بنوعية الدعم انتقالاً من استخدام حق النقض في مجلس الامن الدولي لحماية بشار وعدم المس بمكانته، وصولاً الى منع صدور حتى قرار بإنشاء ممرات إنسانية للمناطق المحاصرة. 

في المقابل، لا يدرج متابع لبناني بدقة لحيثيات سلوك موسكو الانخراط العسكري الروسي المتزايد في إطار السعي إلى حل عسكري ينقذ نظام الأسد، إنما في إطار تحسين شروط التفاوض على حل سياسي باعتباره المخرج الوحيد الممكن، وفي إطار الحفاظ على مصالحها المهددة بانهيار النظام والحفاظ على قاعدتي طرطوس واللاذقية البحريتين الوحيدتين في المياه الدافئة.

وفي هذا المنحى تتمايز موسكو عن طهران وفق المصدر نفسه. فبعد إنجاز الاتفاق على النووي الإيراني، تخشى روسيا توافقاً ما أميركياً-ايرانياً على حل يحفظ للطائفة العلوية مكانتها ويقوم على مقايضة بين اعتراف أميركي بنفوذ إيراني مقابل التخلي عن شخص الأسد. كما وأن مصالح موسكو تحميها سوريا الموحدة وإلا فقد يطال الغليان جمهوريات القوقاز الإسلامية، فيما لا تمانع طهران قيام دولة علوية عندما تيأس من إمكان استعادة بشار الأسد سيطرته على كامل الأراضي. ولا يمنع هذا التمايز التنسيق بين الدولتين خصوصاً وأن موسكو في حال فشلها في الحفاظ على الأسد لن تترك إيران تتفرد بالسيطرة على دولة علوية محتملة. ومن آخر مؤشرات التنسيق ما يظهر في الزيارات المتبادلة ومنها زيارة قائد الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني موسكو للمرة الثانية خلال شهر واحد، خصوصاً وأن مطار جبلة يقع في منطقة تتميز بنفوذ إيراني واسع.

ويستبعد المصدر أن يكون السلوك الروسي مغطى بتفويض أميركي كامل. فالمعلومات والتعليقات الأميركية تأتي متدرجة بما يدل على رقابة لصيقة ما زال طابعها إيجابياً أكثر منه تهديدياً وإلا لكانت المضايقات تركزت على أوكرانيا مثلاً. لكن حتى الآن فهي تحصر مخاطر زيادة الانخراط الروسي بشكل كبير في المساعدة على تنامي الاإرهاب وتفاقم النزوح.

وفيما تتلاقى موسكو ودمشق وطهران على أن الأولوية هي للقضاء على الإرهاب يتساءل المصدر عن كيفية مكافحة الإرهاب في غياب حل سياسي. فالحل السياسي هو القاعدة التي تبنى عليها استراتيجية المكافحة وعبره وحده يمكن التوصل الى حل لمشكلات الإرهاب بشقيه الأسدي والداعشي، والى حل لتفاقم النزوح الذي بات يشكّل «بعبع» الغرب خصوصاً الدول الأوروبية لأنه يهدد استقرار مجتمعاتها. 

ويتساءل المصدر أيضاً عما إذا كانت «فورة الضمير الإنساني»، التي أعقبت بث صورة جثة طفل سوري لفظها البحر، «استباقية أو إنسانية». وهو يستبعد أن يتمكن الرئيس الأميركي باراك أوباما من توظيف نجاحه في إنجاز الاتفاق على النووي الإيراني للتغطية على مساهمته، وإن بطريقة غير مباشرة عبر التقاعس مثلاً، على الكارثة الإنسانية التي يعيشها الشعب السوري.