Site icon IMLebanon

روسيا لا ترى لبنان مستقرّاً.. إذا حكم الإرهابيون سوريا

توقيع الاتفاق النووي لن يغير الكثير من الأمور الإقليمية!

روسيا لا ترى لبنان مستقرّاً.. إذا حكم الإرهابيون سوريا

تتقاسم روسيا قناعة لدى المجتمع الدّولي: لا يزال الأمن والاستقرار عاملان أساسيان في لبنان، ولا عوامل ستفجّرهما في المدى المنظور لأنّ موازين القوى تبقى لمصلحة الدّولة، لكن إذا طرأ أمر ضخم جدّا وغير متوقّع في سوريا فسيؤثّر حتما في لبنان.

أما أسوا ما يمكن أن يحدث في سوريا من وجهة نظر موسكو فهو استيلاء الإرهابيين على الحكم، من هنا تبذل موسكو منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011 جهودا مضنية لمنع حصول هذا الاحتمال، وتنصح لبنان عبر قنواتها الديبلوماسيّة بأنّ يحصّن جبهته الدّاخلية بغية منع تسرّب «داعش» و «جبهة النّصرة» إليه ولزيادة قدرته على جبه المخاطر.

بنظر روسيا، إنّ تنظيم «داعش» الإرهابي يمتلك مخططا توسّعيا يشمل المنطقة برمّتها، لذلك من المستحيل تصوّر أنّه إذا استولى على الحكم في دولة معّينة سيقف عندها. وجوهر تفكير «داعش» هو تجاوز حدود الدول. وتشير الأوساط الديبلوماسية الروسية الى حديث بعض الأوساط عن انتهاء مفاعيل اتفاقيّة «سايكس بيكو» وضرورة وضع اتفاقات جديدة تقسّم المنطقة على أساس طائفي أو قومي. لا تشارك روسيا هذه الآراء بل ترى ضرورة الحفاظ على كيانات الدول، التي ترى الإرهاب التكفيري هو العدوّ الأساسي لها.

برأي الروس إنّ مكافحة الإرهاب باتت قضية أممية ومتعددة الجنسيّات، لأن ثمة تحالفا ضدّ الإرهاب يقوده الأميركيون وفي الوقت ذاته، ثمة مكافحة لهذا الإرهاب من قبل النظام السوري ومن قبل «حزب الله» ومحور المقاومة ككلّ. اقترحت روسيا منذ اليوم الأول، توحيد الجهود كلّها عبر مناقشة موضوع الإرهاب في الأمم المتّحدة، بغية تطوير صورة واضحة عن الطرف الإرهابي. وبرأي الروس إنّ مشاركة «حزب الله» في حرب القلمون هي بكلّ بساطة مشاركة طرف يكافح الإرهاب وهو «أمر إيجابي» كما يصفه الرّوس.

لا تزال روسيا تتحدّث عن «هجمة غربية» ضدّها عبر اوكرانيا، من هنا تستبعد موسكو حصول «تعاون بنّاء» مع واشنطن في المواضيع الإقليمية وأبرزها نزاعات الشرق الأوسط.

ولعلّ الأزمة السورية هي الأكثر تأثرا بهذا الخلاف بين القطبين. لا تزال روسيا متشبثة بمنطق عدم تغيير موازين القوى لتشكّل عامل ضغط على النظام السوري، ولا ترى بعين الإيجابية الى أدوار دول إقليمية مثل تركيا والأردن والسعودية وقطر: «كلّ من يساعد المجموعات المعارضة المسلّحة لا يساعد في حل قضيّة الشعب السوري».

نظّمت موسكو لغاية الآن لقاءين تشاوريين بين المعارضة والنظام السوري وتمّ الاتفاق بين الوزيرين جون كيري وسيرغي لافروف على استئناف الجهود من أجل عقد مؤتمر جنيف 3 في إطار الأمم المتّحدة، وسوف تستمرّ روسيا ببذل الجهود بالرغم من أن الأميركيين لم يعدّلوا نهجهم مستمرين في تمويل وتدريب المجموعات المسلّحة المعارضة كما تقول أوساطها الديبلوماسيّة.

أبرز ما حققه مؤتمرا موسكو: تسجيل بنود مشتركة بين المعارضة والسّلطة قد تصلح لاحقا لتطوير تفاهمات أخرى، وقد تمّ تسجيل نقاط التقاء اساسيّة مثل الحفاظ على الدّولة السورية ومؤسساتها، هذا هو الأساس وبعده يبقى الروس منفتحين على الحوار في شتّى المواضيع.

وهل سيبقى الرئيس السوري بشار الأسد مقبولا روسيا؟

يصرّ الروس على موقفهم: القيادة السورية هي شأن الشعب السوري فحسب، ولا علاقة للاطراف الخارجية بهذا الموضوع. برأي الروس، فإن الرئيس بشار الأسد يدرك تماما أنه معني بإجراء الإصلاحات من أجل حكومة انتقالية، لكنّ هذه الحكومة لا تعني البتّة أن يتمّ تسليم الحكم من النظام الى المعارضة، ومن حقّ النظام الا يقبل بذلك.

من وجهة نظر روسيّا، فإنّ النظام السوري لطالما كان متجاوبا مع موضوع الإصلاحات بما يتضمنه ذلك من مرحلة انتقاليّة، وبالتالي ليس من فكرة للضغط عليه لأن يسلّم السلطة. يجب وقف التدخلات بالأنظمة، وهذا لا يتعلّق بسوريا وحدها بل بالأنظمة كلّها، على عكس الدول الأخرى، فإنّ الرئيس الأسد هو رئيس مقاوم، وهو بالطبع لا يقبل تسليم السّلطة. لقد وافق الرئيس الأوكراني (المخلوع) فيكتور ياكونوفيتش على توقيع اتفاق مع المعارضة بضمانات أوروبية، وقبل تشكيل حكومة وحدة وطنيّة، واتصل (الرئيس الأميركي) باراك أوباما بالرئيس (الروسي) فلاديمير بوتين طالبا التأثير على ياكونوفيتش لسحب الشرطة من الشوارع في مقابل أن يضغط الأميركيون على المعارضة كي لا تقوم بإشكالات. وفي اليوم الثاني نفّذ ياكونوفيتش الاتفاق، ثمّ استولت المعارضة على مؤسسات الدّولة واستكملت انقلابها كاملا. الرئيس الأسد صمد أكثر من ياكونوفيتش ومن حقه الدفاع عن نظامه.

لا يبالغ الروس في تقديراتهم بالنسبة الى الاتفاق النووي مع إيران، لكنهم لا يستبعدون توقيعه في نهاية هذا الشهر أو في النصف الأول من تموز، «فنتائج هذا الاتفاق تتعلّق مباشرة بزيادة إمكانات إيران في ما يخصّ إنتاج الطاقة السّلمية، أما انعكاسه على ملفّات مثل العراق وسوريا واليمن فأمر فيه نظر. يرى الروس «ان لا رابط بين الاتفاق العتيد وبين هذه الملفّات، أما السبب فيكمن في وجود العديد من الأطراف المتورّطة في هذه القضايا الإقليمية المعقدة، ولن يكون توقيع الاتفاق قادرا على تغيير الكثير من الأمور، من الممكن مثلا توقّع تنسيق الجهود لإنجاز حلّ ما، لكنّ الأمر غير مضمون»، بحسب قنوات ديبلوماسية روسية.